عَنْ قَيْسٍ،قَالَ: نَزَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ بِالكُوفَةِ، - قَالَ: فَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْلاَنَا قَرَابَةٌ، قَالَ سُفْيَان وَهُوَ مَوْلَى لأَحْمَس - فَاجْتَمَعَتْ أَحْمَس، قَالَ قَيْس: فَأَتَيْنَاهُ نُسَلِّمُ عَلَيْهِ - وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: فَأَتَاهُ الْحَيُّ -، فَقَالَ لَهُ أَبِي: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَؤُلاَءِ أَنْسِبَاؤُكَ أَتَوْكَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْكَ، وَتُحَدِّثُهُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: مَرْحَبًا بِهِمْ وَأَهْلاً، صَحِبْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاَثَ سِنِينَ، لَمْ أَكُنْ أَحْرَصَ عَلَى أَنْ أَعِيَ الْحَدِيثَ مِنِّي فِيهِنَّ، حَتَّى سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «وَاللهِ لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلاً فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ، فَيَأْكُلَ وَيَتَصَدَّقَ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلاً أَغْنَاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ فَضْلِهِ، فَيَسْأَلَهُ، أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ» (?).
وكان أبو هريرة حريصاً جداً على تبليغ العلم ونشره، وبيان السُنَّة في أية فرصة تسنح له، من هذا ما رواه ابن ماجه بسنده عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، قَالَ: كُنَّا قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمَسْجِدِ يَمْشِي فَأَتْبَعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ بَصَرَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «أَمَّا هَذَا، فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» (?).
وكان أبو هريرة دقيقاً ضابطاً لما يحفظ عن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعزو ما يُحَدِّثُ به عن رسول الله إلى الرسول الكريم - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -، ويعزو قول غيره إلى قائله، وإذا قال في شيء برأيه قال: «هَذِهِ مِنْ كَيْسِي» (?). وقد ثبت هذا بأدلة كثيرة، وأخبار عدَّة منها ما رواه بكير بن الأشج قال: قال لنا بشر بن سعيد: اتقوا الله وتحفظوا من الحديث، فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة، فيُحَدِّثُ عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيُحَدِّثُنَا عن كبعب الأحبار، ثم يقوم، فأسمع بعض من كان معنا، يجعل حديث رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن كعب،