وكان أبو بكر الخوارزمي يقول: لو عزاني إنسان عن حرمة لي بمثل هذا لألحقته بها، وضربت عنقه على قبرها. قال الصاحب: ولقد مررت على مرثية له في أم سيف الدولة تدل مع فساد الحس، على سوء أدب النفس وما ظنك بمن يخاطب بمن يخاطب ملكا في أمه بقوله (من الوافر):
بعيشك هل سلوت فإن قلبي ... وإن جانبت أرضك غير سالي؟
فيتشوق إليها، ويخطئ خطأ لم يسبق إليه، وإنما يقول مثل ذلك من يرئى أهله، فأما استعمال إياه في هذا الموضع فدال على ضعف البصر بمواقع الكلام. وفي هذه القصيدة:
رواق العز فوقك مسبطر ... وملك على ابنك في كمال
ولعل لفظة الاسبطرار في مراثي النساء من الخذلان الرقيق الصفيق المتبر قال: ولما أبدع في هذه القصيدة واخترع قال:
صلاة الله خالفتا حنوط ... على الوجه المكفن بالجمال
فلا بد أدرى هذه الاستعارة أحسن أم وصفه وجه والدة ملك يرثها بالجمال أم قوله في وصف قرابتها وجواريها
أتتهن المصائب غافلات ... فدمع الحزن في دمع الدلال!؟
ومنها
الإيضاح عن ضعف العقيدة ورقة الدين
على أن الديانة ليست عيارا على الشعراء، ولا سوء الاعتقاد سبباً لتأخر الشاعر، ولكن للإسلام حقه من الإجلال الذي لا يسوغ الإخلال به قولا وفعلا ونظما ونثرا، ومن استهان بأمره، ولم يضع ذكره وذكر ما يتعلق به في موضع استحقاقه، فقد باء بغضب من الله تعالى، وتعرض لمقته في وقته، وكثيرا ما قرع المتنبي هذا الباب بمثل قوله (من الخفيف):