قد صالحتها على الإعفاء من القوارع، وعاهدتها على التسليم من الحوادث، فلما أتاح الله للدنيا ابن بجدتها، وأبا بأسها ونجدتها، جهلوا بون ما بين البحور والأنهار، وظنوا الأقدار تأتيهم على مقدار. فما لبثوا أن رأوا معقلهم الحصين ومثواهم القديم، نهزة الحوادث، وفرصة البوائق. ومجر العوالي، ومجرى السوابق. وإنما ألم بألفاظ بيتين لأبي الطيب أحدهما (من
الكامل):
حتى أتي الدنيا ابن بجدتها ... فشكا إليه السهل والجبل
والآخر (من الطويل):
تذكرت ما بين العذيب وبارق ... مجر عوالينا ومجرى السوابق
وفصل له - لئن كان الفتح جليل الخطر، عظيم الأثر، فإن سعادة مولانا لتبشر بشوافع له، يعلم معها أن الله أسراراً في علاه لا يزال يبديها، ويصل أوائلها بتواليها. وهو من قول أبي الطيب (من الطويل):
ولله سر في علاك، وإنما ... كلام العدى ضرب من الهذيان
فصل - ولو كان ما أحسنه شظية في قلم كاتب لما غيرت خطه، أو قذى في عين نائم لما انتبه جفنه. وهو من قول أبي الطيب (من الطويل):
ولو قلم ألقيت في شق رأسه ... من السقم ما غيرت من خط كاتب
وقول نصر (من السريع):
ضنيت حتى صرت لو زج بي ... في ناظر النائم لم ينتبه
ومنه أخذ ابن العميد قوله (من الكامل):
فلو أن أبقيت في جسدي قذى ... في العين لم يمنع من الإعفاء
فصل للصاحب في التعزية - إذا كان الشيخ القدوة في العلم وما يقتضيه،