هذا أحسن ما قبل في مرثية حرم الملوك، وقوله في مرثية طفل لسيف الدولة وتعزيته عنه (من الطويل):
فإن تك في قبر فإنك في الحشا ... وإن تك طفلا فالأسى ليس بالطفل
ومثلك لا يبكي على قدر سنه ... ولكن على قدر المخيلة والفضل
عزاءك سيف الدولة المقتدى به ... فإنك نصل، والشدائد للنصل
ولم أر أعصى فيك للحزن عبرة ... وأثبت عقلا، والقلوب بلا عقل
تخون المنايا عهده في سليله ... وتنصره بين الفوارس والرجل
ويبقى على مر الحوادث صبره ... ويبدو كما يبدو الفرند على الصقل
وما الموت إلا سارق رق شخصه ... يصول بلا كف ويسعى بلا رجل
يرد أبو الشبل الخميس عن ابنه ... ويسلمه عند الولادة للنمل
إذ ما تأملت الزمان وصرفه ... تيقنت أن الموت ضرب من القتل
وما الدهر أهل أن يؤمل عنده ... حياة وأن يشتاق فيه إلى النسل
وقوله (من السريع):
نحن بنو الدنيا فما بالنا ... نعاب ما لا بد من شربه
تبخل أيدينا بأرواحنا ... على زمان هن من كسبه
فهذه الأرواح من جوه ... وهذه الأجسام من تربه
لو فكر العاشق في منتهى ... حسن الذي يسبيه لم يسبه
لم ير قرن الشمس في شرقه ... فشكت الأنفس في غربه
يموت راعي الضأن في جهله ... موته جالينوس في طبه
وربما زاد على عمره ... وازداد في الأمن على سربه
وغاية المفرط في سلمه ... كغاية المفرط في حربه؟
فلا قضى حاجته طالب ... فؤاده يخفق من رعبه!