وحكى ابن جني قال: حدثني أبو على الحسين بن أحمد الصنوبري، قال: خرجت من حلب أريد سيف الدولة، فلما برزت من السور إذا أنا بفارس متلثم قد أهوى نحوي برمح طويل، وسدده إلى صدري، فكدت أطرح نفسي عن الدابة فرقا، فلما قرب مني ثنى السنان وحسر لثامه فإذا المتنبي، وأنشدني (من الطويل):
نثرنا رءوسا بالأحيدب منهم ... كما نثرت فوق العروس الدراهم
ثم قال: كيف ترى هذا القول؟ أحسن هو؟ فقلت له: ويحك! قد قتلتني يا رجل، قال ابن جني: فحكيت أنا هذه الحكاية بمدينة السلام لأبي الطيب، فعرفها وضحك لها، وذكر أبا علي من التقريظ والثناء بما يقال في مثله. قال وأنشدت أبا علي ليلا قصيدة أبي الطيب التي أولها (من البسيط):
واحر قلباه ممن قلبه شبم
فلما وصلت إلى قوله فيها:
وشر ما قنصته راحتي قنص ... شهب البزاة سواء فيه والرخم
أعجب جداً به، ولم يزل يستعيده، حتى حفظه، ومعناه: إذا تساويت ومن لا قدر له في أخذ عطاياك فأي فضل لي عليه؟ وما كان من الفائدة كذا لم أفرح به، وإنما أفرح بأخذ ما تختص به الأفاضل قال: وحدثني المتنبي قال: حدثني فلان الهاشمي من أهل حران بمصر،