ومع هذا، فإنه يمكن تحديدُ المنهج العام لابن القَيِّم في الحكم على الحديث فيما يلي:
أولاً: أن ابن القَيِّم - رحمه الله - مع اهتمامه بالحكم على أكثر الأحاديث التي أوردها في كتبه، وعنايته بذلك عناية فائقةً، قد تَرَكَ جملةً كبيرةً من الأحاديث فلم يحكم عليها، مع إيراده بعضها مورد الاستدلال بها1، وستأتي بعد قليل إشارةٌ إلى بعض الأحوال والظروف التي يسكت فيها عن الأحاديث أو يَقِلُّ حكمه عليها.
ثانياً: قد يصرح ابن القَيِّم - رحمه الله - بعدم مَعرفَتِهِ بحال الحديث ودرجته من الصحة أو الضعف. فيقول مثلاً: "لا أعرف حال هذا الحديث"2. ويقول: "والله أعلم بحال هذين الحديثين"3. ويقول: "وَرَدَ ... في حديث لا نعلم صِحَّتَهُ"4. إلى غير ذلك من الأمثلة5. وهذا من كمال تواضعه، وتمام نصحه، وعلو شأنه رحمه الله تعالى.
ثالثاً: تفاوت أحكامه - قلة وكثرة - بحسب موضوع الكتاب؛ فبينما يكثرُ من الحكمِ على الحديث، وبيان درجته في الكتب والمباحث التي