المثابة، كان ما ينفرد به حُجَّةً، وإنما الشاذ ما خالف به الثقات، لا ما انفرد به عنهم، فكيف إذا تابعه مثل أبي صالح، وهو كاتب الليث، وأكثر الناس حديثاً عنه؟ وهو ثقة أيضاً، وإن كان قد وقع في بعض حديثه غلط"1.
فهذا فيما يتعلق بجواب ابن القَيِّم وغيره من الأئمة على هذه العلل.
وأما العلة التي لم يتعرض لها ابن القَيِّم: فهي ما نقله أبو زرعة الرازي، عن يحيى بن عبد الله بن بكير، أنه قال: " ... لم يسمع الليث من مشرح شيئاً ... وإنما حدثني الليث بن سعد بهذا الحديث: عن سليمان بن عبد الرحمن: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم". يعني مرسلاً، قال أبو زرعة: "والصواب عندي: حديث يحيى"2. يعني ابن بكير.
قلت: أما القول بعدم سماع الليث من مشرح شيئاً، فقد تقدم ما فيه، وأن الليث صَرَّحَ بتحديث مشرح له، وسماعه منه.
وأما هذه الرواية المرسلة: فابن بكير أثبت من غيره في الليث، بل قال ابن عدي: "أثبت الناس فيه"3. ومع ذلك فإن رواية عثمان بن صالح له عن: الليث، عن مشرح، عن عقبة. ومتابعة أبي صالح له على هذه الرواية، يجعل من الصعب الحكم على روايتهما - وقد تتابعا - بالخطأ،