خُلْعِهَا طَلَاقًا نَسَقًا مُتَتَابِعًا بَانَتْ مِنْهُ , وَإِنْ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ صُمَاتٌ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَفِيهَا قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ , وَابْنُ الزُّبَيْرِ , وَعِكْرِمَةُ , وَالْحَسَنُ , وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ , لَا يَقَعُ بِالْمُعْتُدَّةِ مِنَ الْخُلْعِ طَلَاقٌ. وَبِهَذَا الْقَوْلِ قَالَ الشَّافِعِيُّ , وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ , وَأَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ , وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ , وَأَبُو ثَوْرٍ , وَجَمَاعَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ , قَالُوا: طَلَاقُهُ لَهَا بَعْدَ الْخُلْعِ بَاطِلٌ. وَهَذَا الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ , وَالْمَعْمُولُ بِهِ. وَبِهِ نَقُولُ. وَفِيهَا قَوْلٌ رَابِعٌ وَإِلَيْهِ يَذْهَبُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ , وَعَلَيْهِ أَكْثَرُهُمْ: وَهُوَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا حَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ ثَلَاثًا , أَنْ لَا يَفْعَلَ شَيْئًا , أَوْ لَيَفْعَلَنَّ شَيْئًا , فَاخْتَلَعَتْ مِنْهُ زَوْجَتُهُ , أَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا قَبْلَ أَنْ يَحْنَثَ , ثُمَّ ارْتَجَعَ , أَنَّ الْيَمِينَ رَاجِعَةٌ عَلَيْهِ بِرَجْعَتِهَا , لِأَنَّ الْيَمِينَ قَائِمَةٌ , وَالزَّوْجَةُ هِيَ بِعَيْنِهَا. وَبِهَذَا نَقُولُ. وَالْعِلْمُ قَدْ أَحَاطَ بِأَنَّ صَاحِبَ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُ إِذَا رَاجَعَ زَوْجَتَهُ بَعْدَ خُلْعِهَا وَلَمْ يَفْعَلْ مَا كَانَ حَلَفَ أَنْ يَفْعَلَهُ , أَنَّ الزَّوْجَةَ هِيَ تِلْكَ بِعَيْنِهَا , وَالْيَمِينُ قَائِمَةٌ مُبْقَاةٌ.