غَيْرَ أَنِّي أُقَدِّمُ أَمَامَ الْقَوْلِ، وَأَبْدَأُ قَبْلُ الْجَوَابِ عَنْ مَسْأَلَتِكَ بِذِكْرِ صِفَةِ الْفَقِيهِ الَّذِي يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ وَالْفَزَعُ إِلَيْهِ عِنْدَ الْمُشْكِلَاتِ، وَالِانْقِيَادُ إِلَى طَاَعتَهِ عِنْدَ نُزُولِ الْمُعْضِلَاتِ وَحُلُولِ الشُّبُهَاتِ، ثُمَّ أُتْبِعُ ذَلِكَ بِالْجَوَابِ عَمَّا سَأَلْتَ عَنْهُ، فَإِنِّي رَأَيْتُ هَذَا الِاسْمَ قَدْ كَثُرَ الْمُتَسَمُّونَ بِهِ مِنْ عَامَّةِ النَّاسِ وَكَافَّتِهِمْ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّ الْبَصَائِرَ قَدْ عُشِيَتْ، وَالْأَفْهَامَ قَدْ صَدَأَتْ وَأُبْهِمَتْ عَنْ مَعْنَى الْفِقْهِ مَا هُوَ؟ وَالْفَقِيهُ مَنْ هُوَ؟ فَهُمْ يُعَوِّلُونَ عَلَى الِاسْمِ دُونَ الْمَعْنَى، وَعَلَى الْمَنْظَرِ دُونَ الْجَوْهَرِ. وَلِذَلِكَ قَالَ عُلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ حِينَ وَصَفَ الْمُتَجَاسِرَ عَلَى الْفَتْوَى بِغَيْرِ عِلْمٍ: «سَمَّاهُ النَّاسُ عَالِمًا وَلَمْ يَفْنِ فِي الْعِلْمِ يَوْمًا سَالِمًا»