ويطلق القول فِي صورة آدم عَلَى صورته سُبْحَانَهُ لا عَلَى طريق التشبيه فِي الجسم والنوع والشكل والطول لأن ذَلِكَ مستحيل فِي صفاته وإنما أطلقنا حمل إحدى الصورتين عَلَى الأخرى تسمية لورود الشرع بذلك عَلَى طريق التعظيم لآدم كما قَالَ تَعَالَى فِي أزواج النبي: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} وليس بأمهات فِي الحقيقة لكن عَلَى وجه التعظيم، ولأن فيه معنى ينفرد به من بين سائر ذريته، وهو أنه لما وجد حيا كان كاملا لم ينتقل من حال صغر إلى كبر، ومن حال ضعف إلى قوة، ومن حال جهل إلى علم، كذلك الله تَعَالَى فِي حال وجوده كاملا لم ينتقل من
نقص إلى كمالا، ولا يجوز أن يقال أن هَذَا المعنى موجود فِي خلق حواء وفي الملائكة لأنه وإن كان خلقهم عَلَى ذَلِكَ فآدم أكمل منهم لأن الله أسجدهم له، ولأنه قَالَ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} ولأن حواء ناقصة بالأنوثية وليس فِي حمل إحدى الصورتين عَلَى الأخرى ما يوجب المساواة كما قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ} ومعلوم أن آدم أفضل لأنه لم يخلق من نطفة، ولا اشتمل عليه رحم وعيسى وجد فِي ذَلِكَ، وكما قَالَ تَعَالَى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} ، وَقَالَ: {وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} ، {وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} وَقَالَ: {هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} ولفظه أحسن وأرحم عَلَى وزن أفعل ولفظة أفعل تقتضي الاشتراك فِي الشيء، وقد شرك بينه وبين خلقه فِي هَذِهِ الصفات كذلك لا يمتنع الاشتراك فِي الصورة
69 - وقد روي عن ابن عباس ما دل أن الهاء راجعة عَلَى الرحمن، ذكره إسحاق بن بشر القرشي فِي كتاب المبتدأ بإسناده، عن ابن عباس، أن ملك