وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: قَالَ: " إِذَا أنا مت فحرقوني، ثُمَّ اطحنوني، ثُمَّ ذروني فِي البحر " وَذَكَرَ الخبر اعلم أن هَذَا الخبر وإن لَمْ يرجع شيء من لفظه إِلَى مَا هُوَ صفة من صفات اللَّه فإن لفظه مشكل، وكان القائل لَهُ رجلا موحدا مغفورا لَهُ، فوجب أن يوقف عَلَى معناه ليزول الإشكال أما قوله: " أضل اللَّه " أي أنساه، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى} وقول: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا} أي: تنساه، وقيل فِي بعض الوجوه فِي تأويل قوله سُبْحَانَهُ: {وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى} أي
ناسيا فذكرك، والعرب تقول: ضللت كذا وأضللته، أي نسيته وإذا كان ذلك مَعْنَى الضلال ها هنا فمراده أن اللَّه سُبْحَانَهُ يميتني وَلا يبعثني فاستريح من عذابه، والعرب تقول: ضل الماء فِي البئر، إِذَا غاب فِيهِ ولم يبن، ويكون تحقيق مَعْنَى قوله: " أضل اللَّه " أي: لعل اللَّه لا ينشرني وَلا يبعثني فاستريح من عذابه، وَهَذَا إظهار الجزع والخوف والخشية بأبلغ مَا يكون فِي بابه، لا أَنَّهُ كان يعتقد قائله أَنَّهُ يجوز أن ينسى اللَّه أحدا، أو يمكن أن يفوته شيء
388 - ومثل ذلك مَا روي عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كان يقول فِي دعائه: اللهم