352 - وَقَدْ ذَكَرَ شيخنا أَبُو عبد اللَّه رحمه اللَّه هَذَا الحديث فِي كتابه وَقَالَ: لا يجوز أن يسمى اللَّه دهرا والأمر عَلَى مَا قاله لأَنَّهُ قد روي فِي بعض ألفاظ هَذَا الحديث مَا منع من حمله عَلَى ظاهره، ولم يرد فِي غيره من أخبار الصفات مَا دل عَلَى صرفه عَن ظاهره فلهذا وجب حملها عَلَى ظاهرها، وذلك أَنَّهُ رَوَى فِيهِ: " يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار " وَفِي لفظ آخر: " لي الليل والنهار أجدده وأبليه، وأذهب بملوك وآتي بملوك " فبين أن الدهر الَّذِي هُوَ الليل والنهار خلق لَهُ وبيده، وأنه يجدده ويبليه فامتنع أَنْ يَكُونَ اسما لَهُ وأصل هَذَا الخبر أَنَّهُ ورد عَلَى سبب، وَهُوَ أن الجاهلية كان تقول: أصابني الدهر فِي مالي بكذا، ونالتني قوارع الدهر ومصائبه، فيضيفون كل حادث يحدث مما هُوَ جار بقضاء اللَّه وقدره

وخلقه وتقديره من مرض أو صحة أو غنى أو فقر أو حياة أو موت إِلَى الدهر، ويقولون: لعن اللَّه هَذَا الدهر والزمان، ولذلك قَالَ قائلهم:

أمن المنون وريبها يتوجع ... والدهر ليس بمعتب من يجزع

وقال سُبْحَانَهُ: {نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} أي: ريب الدهر وحوادثه وَقَالَ سُبْحَانَهُ: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلا الدَّهْرُ} فأخبر عنهم بما كانوا عَلَيْهِ من نسبة أقدار اللَّه وأفعاله إِلَى الدهر فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تسبوا الدهر " أي: إِذَا أصابتكم المصائب لا تنسبوها إِلَيْهِ، فإن اللَّه تَعَالَى هُوَ الَّذِي أصابكم بها، لا الدهر، وإنكم إِذَا سببتم الدهر وفاعل ذلك ليس هُوَ الدهر

353 - وَقَالَ أَبُو بكر الخلال: سألت إبراهيم الحربي عَن قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يقولن أحدكم يَا خيبة الدهر فإن اللَّه هُوَ الدهر " وقوله: " لا تسبوا الدهر، فإن اللَّه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015