وكذلك قوله:

{وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} وَقَالَ: {وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ} وقوله تَعَالَى: {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ} كل ذَلِكَ المراد به فعل يظهر منه كذلك هاهنا قيل: هَذَا غلط لأن تِلْكَ الآيات لم يقترن بها ما دل عَلَى أن المراد به نفس الذات فالأمر فيها محتمل، فحمل عَلَى أفعاله، وأما هاهنا ففي سياق الخبر ما دل عَلَى أن المراد به الذات من الوجه الذي ذكرناه فأما قوله فِي حديث أَبِي سعيد وأبي هُرَيْرَةَ: " إذا ذهب ثلث الليل هبط " فالقول فيه كالقول فِي الرواية المشهورة " ينزل " وأن ذَلِكَ إخبار عن هبوط الذات ونزولها، وأما قوله فِي حديث أَبِي الدرداء: " ينزل فِي الساعة الثانية جنة عدن وهي داره ومسكنه لا يسكنها معه إلا النبيون والصديقون والشهداء " فإنه غير ممتنع حمله عَلَى ظاهره، وأنه يجوز إطلاق القول بأن جنة عدن داره ومسكنه، لا عَلَى وجه الحد والجهة، كما أطلقنا القول بالاستواء عَلَى العرش، لا عَلَى وجه الجهة، وقد دل عَلَى صحته هَذَا الإطلاق قوله تَعَالَى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ} فأخبر أنه فِي السماء، ولا يمتنع أيضا جواز إطلاق القول بأن الأنبياء والشهداء والصديقين سكان معه

264 - ويشهد لذلك قوله تَعَالَى: عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا سورة الإسراء

آية حَدَّثَنَا أَبُو القسم بإسناده، عن ابن عمر، عن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي قول: عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا سورة الإسراء آية، قَالَ: يجلسه معه عَلَى السرير وأما قوله فِي حديث أَبِي الدرداء: " يمحو الله ما يشاء ويثبت " فليس ذَلِكَ عَلَى معنى تغيير حكم قد استقر، لكن عَلَى معنى تجديد كراماته ونعمه، ويأتي الكلام عَلَى هَذَا مستوفى فِي قوله تَعَالَى: يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ سورة الرعد آية وهو مذكور فِي حديث النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من سره أن يمد الله فِي عمره، ويوسع عليه فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015