الكلام فِي الحديث الذي تقدم فِي الضحك، والقول فيه كالقول فِي ذَلِكَ وقد حكينا كلام أَحْمَد فِي ذَلِكَ، والأخذ بظاهر الحديث من غير تفسير كذلك هاهنا، إذ ليس فِي حمله عَلَى ظاهره ما يحيل صفاته، ولا يخرجها عما تستحقه، لأنا لا نثبت فرحا هو السرور لأنه يقتضي جواز الشهوة والحاجة عليه، ومن قوله تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا} أي سروا بها، ولا نثبت أيضا
فرحا هو البطر والأشر لأنهما لا يليقان بالله، عَزَّ وَجَلَّ، ومنه قوله تَعَالَى: {وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} وقوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} وقوله: {إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} يعني بذلك فرح البطر والأشر، بل نثبت ذَلِكَ صفة، كما أثبتنا صفة الوجه واليدين والسمع والبصر، وإن لم نعقل معناه، ولا يوجب أن يستوحش من إطلاق مثل هَذَا اللفظ إذا ورد به سمع، كما لم يستوحش من إطلاق ذَلِكَ فِي غيره من الصفات فإن قيل: معنى الفرح هاهنا معنى الرضا، ومن قوله تَعَالَى: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} أي: راضون لأن من سر بالشيء فقد رضيه، ويقول: هو فرح به بمعنى هو راض به، فيكون معناه: أن من وفقه الله للتوبة من معاصيه، فقد رضي أن يكون مثابا عَلَى الخير مقبولا منه الطاعة والعبادة