قيل: هَذَا غلط، لأنا قد روينا فِي الحديث: " يضع الله قدمه " وفي لفظ آخر: " فيضع رب العزة قدمه " وهذا صريح فِي أن المراد بالجبار هو الله رب العزة وجواب آخر وهو أن فِي الخبر تقول: " قط بعزتك وعظمتك "، وهذه صفة تختص الله سُبْحَانَهُ، لأن هَذَا قسم منها بالله سُبْحَانَهُ، خرج منها مخرج الخضوع والتذلل، ولا يكون هَذَا منها بوضع الجبابرة ومن يستحق العذاب لأنها سحق لهم، ولأنه قَالَ
لا تمتلئ حتى يضع الله رجله فيها، والرجل لا يعبر بها عن الجبابرة، والمتقدم من المشركين ولأن قوله: " لا تمتلئ " تعظيما لحالها وشدة غيظها، قَالَ تَعَالَى: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} وما هَذَا صفته لا يكفه وضع بعض الجبابرة من الكفار، وإنما يكفيه قدم الصفة، ولأنه قَالَ: " ينزوي بعضها إلى بعض " يعني مجتمع، وهذا لا يوجد ببعض خلقه، لأن النار تسحقه، كما قَالَ: {فَسُحْقًا لأَصْحَابِ السَّعِيرِ} وإنما تجتمع من قدم الصفة فإن قيل: الحديث الذي روي فيه: " يضع رجله " لم يروه إلا بعضهم عَلَى الشك، فرواه الدارقطني بإسناده، عن أنس، عن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه قَالَ: " يلقى فِي النار وتقول: هل من مزيد حتى يضع رجله فيها أو قَالَ: قدمه فتقول: قط قط " فذكره عَلَى لفظ الشك فاحتمل أن يكون لما التبس عليه اللفظ، وتوهم أن القدم لا يكون إلا رجلا ذكر بدل القدم الرجل قيل: هَذَا غلط، لأنا قد روينا هَذَا اللفظ بإسناده عن أَبِي هُرَيْرَةَ من غير شك فِي اللفظ فإن قيل: فنتأول الرجل عَلَى نحو تأويلنا القدم، إما أن يريد رجل بعض خلقه فأضافه إليه ملكا وفعلا، أو يراد به رجل المتجبرين من
خلقه، ولأنه قد قيل