وينبغي أن لا يترك وظيفة الفروض مع مرض خفيف ونحوه، مما يمكن الجمع بينهما، ولا يسأل تعنتا ولا تعجيزا، فلا يستحق جوابا، ومن أهم حاله أن يحصل على الكتاب بشراء أو غيره، ولا يشتغل بنسخ كتاب أصلا، فإن آفته ضياع الأوقات في صناعة أجنبية عن تحصيل العلم، وركون النفس لها أكثر من ركونها لتحصيله، وقد قال بعض أهل الفضل.
"أود لو قطعت يد الطالب إذا نسخ". فأما شيء يسير فلا بأس به، وكذا إذا دعا إلى فلك قلة ما بيده من الدنيا، وينبغي أن لا يمنع عارية كتاب لأهله، وقد ذمه السلف والخلف ذما كثيرا.
قال الزهري: إياك وغلول الكتاب، "وهو حبسها عن أصحابها".
وعن الفضيل: ليس من أهل الورع، ولا من أفعال الحكماء أن يأخذ متاع رجل، وكتاب رجل فيحبسه عنه.
وقال رجل لأبي العتاهية: أعرني كتابك؟
فقال: إني أكره ذلك.
فقال: أما علمت أن المكارم موصولة بالمكاره، أعاره.
فهذه نبذة من الآداب لمن اشتغل بهذا الطريق، ولا يستغن من تذكرها لتكون معينة على تحصيل المرام والخروج من الظلام إلى النور، والله تعالى هو المنان ذو الجود والإكرام.