...
بسم الله الرحمن الرحيم
تصدير:
الحمد لله الذي أكرمنا بكتابه المنزل، وشرفنا نبيه المرسل، أحمده على ما ولانا من مننه، وخصنا به من جزيل نعمه، حمدًا كثيرًا طيبا مباركا.
وأشهد أن لا إله إلا الله، أضاء بالقرآن القلوب، سبحانه أنزله بأجزل لفظ وأعذب أسلوب.
وأشهد أن سيدنا محمد نبي الرحمة ومبلغ الحكمة وشفيع الأمة وعلى أهله وسلم تسليما.
وبعد:
فلا يعزب عن ذوي الألباب أن علم قراءة القرآن أقدم العلوم في الإسلام نشأة وعهدًا، وأشرفها منزلة ومحتدًا، حيث إن أول ما تعلمه الصحابة من علوم الدين كان حفظ القرآن وقراءته.
ثم لما اختلف الناس في قراءة القرآن وضبط ألفاظه مست الحاجة إلى علم يميز به الصحيح المتواتر والشاذ النادر. ويتقرر به ما يسوغ القراءة الذي تصدر لتدوينه الأئمة الأعلام من المتقدمين.
والحق أن تدوين علم القراءات أفاد المسلمين فائدة لم تحفظ بها أمة سواهم، وذلك أن البحث في مخارج الحروف، والاهتمام بضبطها على وجوهها الصحيحة؛ ليتيسر تلاوة كلمات القرآن على أفصح وجه وأبينه، كان من أبلغ العوامل في عناية الأمة بدقائق اللغة العربية الفصحى، وأسرارها وكانت ثمرة هذا الاهتمام والجهد أن القراء تشربوا بمزايا اللغة وقواعدها ودقائقها.
ومما يؤيد ذلك أن الكثيرين من قدماء النحويين كـ "الفراء" "والخليل بن أحمد الفراهيدي"