{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} 1، {صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي} 2، {صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} 3، {صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا} 4.
فلهذا لم أقل إرادة المنكر والمعرف ومثله، وكسر بيوت والبيوت، ونقل قران والقران بخلاف قوله: في لؤلؤ في العرف والنكر شعبة، فإنه لم يأت مجردا عن اللام إلا وهو نكرة ولو اقتصر على لفظ النكرة في الكل لحصل الغرض فإن لام التعريف زائدة على الكلمة كما قال: ووالاه في بئر وفي بئس ورشهم، والحكم عام في كل ما في القرآن من لفظ بئس مجردا من الراء والفاء واللام، وفي وبئس بالواو وفي فبئس بالفاء وفي لبئس باللام وإنما نبه على ما فيه لام التعريف دون المضاف لاتحاد لفظ اللام وتعدد المضاف إليه ولو أنه قال سراط بسين قنبل كيف أقبلا وبالصاد باقيهم وزايا أشمها البيت لتم له المقصود والله أعلم.
ثم هذا أيضا مما استغني فيه باللفظ عن القيد فكأنه قال بالسين، واعتمد على صورة الكتابة فلم يخف التباسا إذ يقرأ بالصاد، "وقنبلا" منصوب؛ لأنه مفعول به لقوله: "لِ" وهذه اللام المنفردة هي فعل أمر من قوله ولي هذا هذا يليه إذا جاء بعده، أي: اتبعْ قنبلا عند هاتين اللفظتين فاقرأ قراءته فيهما بالسين في جميع القرآن وقد بين ذلك بقوله رحمه الله:
109-
بِحَيْثُ أَتَى وَالصَّادُ زَاياً أشِمَّهَا ... لََى خَلَفٍ وَاشْمِمْ لِخَلاَّدِ الَاوَّلا
أي بحيث أتى المذكور، وهذا لفظ يفيد العموم كقوله تعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} 5.
والباء في "بحيث" زائدة ولو لم يقل بحيث أتى لاقتصر الحكم على ما في الفاتحة وهكذا كل موضع يطلق فيه اللفظ يكون مخصوصا بتلك السورة كقوله: وخفف كوف يكذبون سبيل برفع خذ، وفي "شركاي" الخلف فإن كان الخلاف مطردا في موضعين قال: معا، وإن كان في أكثر قال: جميعا أو كلا أو حيث جاء ونحو ذلك، ولم يخرج عن هذا إلا حروف يسيرة كالتوراة وكأين في آل عمران وقراءة الباقين بالصاد وهي أقوى القراءات لاتفاق الرسم عليها وأفصحها لغة وعلم أن قراءة الباقين بالصاد من قوله والصاد زايا أشمها كأنه قال: والباقون بالصاد وأشمها زايا خلف، ويجوز في قوله: الصاد النصب والرفع والنصب هو المختار لأجل الأمر وغلط من قال هنا الرفع أجود، وأصل كلمة السراط السين والصاد بدل منها لأجل قوة الطاء ومن أشمها زايا بالغ في المناسبة بينهما وبين الطاء، وروي عن بعضهم إبدالها زايًا خالصة والمعنى بهذا الإشمام خلط صوت الصاد بصوت الزاي فيمتزجان فيتولد منهما حرف ليس بصاد ولا زاي.
والإشمام في عرف القراء يطلق باعتبارات أربعة، أحدها خلط حرف بحرف كما في الصراط وما يأتي في أصدق ومصيطر، والثاني خلط حركة بأخرى كما يأتي في قيل وغيض وأشباههما، والثالث إخفاء الحركة فيكون بين الإسكان والتحريك كما يأتي في: