فالحاصل أن للقرآن يوم القيامة حالتين:
إحداهما: الشفاعة لمن قرأه ولم ينس العمل به.
والثانية: الشكاية لمن نسيه: أي تركه متهاونا به ولم يعمل بما فيه.
ولا يبعد أن يكون من تهاون به حتى نسي تلاوته كذلك، والله أعلم.
قال الشيخ: وفي الدعاء ولا تجعل القرآن بنا ماحلا: أي ذاكرا لما أسلفناه من المساوي في صحبته:
93-
وَبِاللهِ حَوْلِى وَاعْتِصَامِي وَقُوَّتِى ... وَمَا ليَ إِلاَّ سِتْرُهُ مُتَجَلِّلا
حولي: أي تحولي من أمر إلى أمر والاعتصام: الامتناع من كل ما يشين: أي ذلك كله بيد الله لا يحصل إلا بمعونته ومشيئته.
وفي الحديث الصحيح: "لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة".
قال ابن مسعود في تفسيرها لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله ولا قوة على طاعة الله إلا بعون الله، قال الخطابي هذا أحسن ما جاء فيه ومتجملا حال من الياء في لي أي وما لي ما أعتمد عليه إلا ما قد جللني به من ستره في الدنيا فأنا أرجو مثل ذلك في الآخرة أي وما لي إلا ستره في حال كوني متجللا به: أي متغطيا به وقيل هو حال من الستر وفيه نظر.
94-
فَيَا رَبِّ أَنْتَ اللهُ حَسْبي وَعُدَّتِي ... عَلَيْكَ اعْتِمَادِي ضَارِعاً مُتَوَكِّلا
حسبي: أي كافي: والعدة ما يعد لدفع الحوادث، والضارع الذليل والمتوكل: المظهر للعجز معتمدا على من يتوكل عليه وهما حالان من الياء في اعتمادي، وهذا آخر شرح الخطبة.