الواو على معنى وعدنا كقوله: "فحاسبناها" وقيل يصح فيه معنى المفاعلة فإن قلت: من أين يعلم من النظم أن قراءة الباقين بألف بعد الواو دون أن يكون بألف قبلها فيكون أوعدنا؛ لأنه قال دون ما ألف ولم ينطق بقراءة الجماعة ولو كان لفظ بها لسهل الأمر قلت: يعلم ذلك من حيث إنه أراد أوعدنا للزمه أن يبين إسكان الواو وتحريكها، فلما لم يتعرض لذلك علم أنه غير مراد وأيضا فإن حقيقة الألف ثابتة في لفظ: {وَاعَدْنَا} ، وأما أوعدنا فهي حمزة قبل الواو فإطلاق الألف عليها مجاز، والأصل الحمل على الحقيقة فيزول الإشكال على هذا مع ظهور القراءتين واشتهارهما وعدم صحة معنى الوعيد في هذه المواضع ولو قال: وفي الكل واعدنا أو وجملة واعدنا بلا ألف حلا بطل هذا الإشكال لكن في "وعدنا" و"واعدنا" ألف بعد النون كان ينبغي الاحتراز عنها أيضا، فإن قلتَ: تلك لا يمكن حذفها، فإن قلت: وليس كل ما لا يمكن حذفه لا يحترز منه فإنه سيأتي في قوله: وقالوا: الواو الأولى سقوطها ولا يمكن إسقاط الثانية مع بقاء ضمة اللام ثم إنه أيضا يرد عليه ما في سورة القصص: {أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا} 1.
فهو بغير ألف بلا خلاف، وكذا الذي في الزخرف: {أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ} 2.
فإن اعتذر له بأنه قال: "وعدنا" بغير هاء والذي في القصص بزيادة هاء، والذي في الزخرف بزيادة هاء وميم فلا ينفع هذا الاعتذار فإن الذي في طه بزيادة كاف وميم وهو قوله تعالى: {وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ} 3.
وصاحب التيسير نص على أن الخلاف في "وعدنا"، و"وعدناكم"، فخرج الذي في القصص فإنه لفظ ثالث والذي في الزخرف فإنه لفظ رابع فلو قال: الناظم وعدنا وعدناكم بلا ألف حلا لخلص من هذا الإشكال ولكن خلفه إشكال آخر، وهو أنه لم يقل جميعا ولكن يكون له أسوة بما ذكر في بيتي الإشمام ويبقى عليه الإشكالان المتقدمان في موضع الألف وما في قوله دون ما ألف زائدة والله أعلم.
453-
وَإِسْكَانُ بَارِئِكُمْ وَيَأْمُرُكُمْ لَهُ ... وَيَأْمُرُهُمْ أَيْضًا وَتَأْمُرُهُمْ تَلا
454-
وَيَنْصُرُكُمْ أَيْضًا وَيُشْعِرُكُمْ وَكَمْ ... جَلِيلٍ عَنِ الدُّورِيِّ مُخْتَلِسًا جَلا
أي أسكن أبو عمرو في هذه المواضع كلها حيث وقعت حركة الإعراب تخفيفا، وقد جاء ذلك عنه من طريق الرقيين كذا ذكر الداني ومكي وغيرهما، ورواية العراقيين عن أبي عمرو الاختلاس، وهي الرواية الجيدة المختارة؛ فإن الإسكان في حركات الإعراب لغير إدغام ولا وقف ولا اعتلال منكر فإنه على مضادة حكمة مجيء الإعراب وجوزه سيبويه في ضرورة الشعر؛ لأجل ما ورد من ذلك فيه نحو: