وأنشد سيبويه:
محمد تفدِ نفسَك كُلُّ نفسٍ ... إذا ما خفت من شيء تباني
وحمله هو والنحاة على حذف لام الأمر، وجعلوه لذلك شاذًّا والأولى جعله من هذا الباب ثم ذكر الناظم عدد الياءات التي اختلف القراء في إثباتها وحذفها وهي محذوفة في الرسم فقال: جملتها اثنان وستون ياء، وعدها صاحب التيسير إحدى وستين؛ لأنه أسقط: {فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ} في النمل، "فبشر عبادي" في الزمر1، وعدّهما في باب ياءات الإضافة.
فإن قلت: فينبغي أن يبقى ستون فما هي الواحدة الزائدة.
قلتُ هي: {يَا عِبَادِيَ} التي في الزخرف2، ذكرها في البابين، وقد تقدم التنبيه على ذلك، وذكر الناظم في هذا الباب لفظ العدد، فقال: اثنان وأنثه في باب ياءات الإضافة في قوله: وعشر وتسعها وثنتان وأربع عشرة وسبع وأربع وثمان والكل في البابين عبارة عن الياءات وكلا اللفظين من التذكير والتأنيث سائغ في العبارة عن الياء؛ لأنها من حروف المعظم، وكلها يجوز فيها الأمران على ما قد ذكرناه مرارا، ثم شرع يذكر الزوائد مفصلة فقال:
422-
فَيَسْرِي إِلى الدَّاعِ الجَوَارِ المُنَادِيَهْ ... دِيَنْ يُؤْتِينَ مَعْ أَنْ تُعَلِّمَنِي وِلا
وأراد: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} ، {مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} ، {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ} في سورة الشورى3، دون اللتين في سورة الرحمن وكورت، ودلنا على ذلك أنهما لا يمكن إثبات الياء في الوصل لأجل الساكن بعدهما فتعينت التي في الشورى وهذا بخلاف إمالة الدوري للجواري فإنها في المواضع الثلاثة كما سبق: "والمنادي" في سورة ق4 {يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ} ، والثلاثة الباقية في الكهف: {وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي} ، {فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ} ، {عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ} .
والولاء5 المتابعة: يعني أن هذه الثلاثة تتابعت في سورة واحدة على هذا النسق ودلنا على أن مراده يهدين التي في الكهف أن التي في القصص مثبتة بإجماع وسيأتي ذلك وليس غيرهما فتعينت التي في الكهف والله أعلم.