قلت: يجوز أن يكون وهو ضمير الشأن لا ضمير الوقف، فيلتئم الكلام ولا يتنافر، وهذا الذي ذكره تبرع منه وليس في كتاب التيسير الذي نظمه.
365-
وَعِنْدَ أَبِي عَمْرٍو وَكُوفِيِّهِمْ بِهِ ... مِنَ الرُّوْمِ وَالإِشْمَامِ سَمْتٌ تَجَمَّلا
به أي فيه، والهاء ضمير الوقف والسمت الهيئة والسمت الطريق والسمت القصد نفسه، يقال: سمت يسمت إذا قصد، والسمت الناحية المقصودة، وكل ذلك محتمل هنا ووصفه بالتجمل أي عندهم من ذلك أمر جميل من الاحتفال به والاهتمام بشأنه والقصد له في التلاوة به، قال صاحب التيسير: وردت الرواية عن الكوفيين وأبي عمرو بالوقف بالإشارة إلى الحركة سواء كانت إعرابا أو بناء، والإشارة تكون روْمًا وإشمامًا والباقون لم يأت عنهم في ذلك شيء، واستحباب أكثر شيوخنا من أهل القرآن أن يوقف في مذاهبهم بالإشارة لما في ذلك من البيان.
قلت: فهذا معنى قوله:
366-
وَأَكْثَرُ أَعْلاَمِ الْقُرَانِ يَرَاهُما ... لِسَائِرِهِمْ أَوْلَى العَلاَئِقِ مِطْوَلا
أعلام: جمع علم يشير إلى المشايخ أهل أداء القراءة، وجعلهم أعلاما لحصول الهداية بهم كالأعلام في الطرق، وأضافهم إلى القرآن الذي هو اسم للكتاب العزيز؛ لأنهم أهله أو أراد به القراءة؛ لأنها صناعتهم وأتي به بغير همز كما في قراءة ابن كثير له كما يأتي، والقرآن بمعنى القراءة، وأراد في قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} ، وقوله: يراهما يعني الروم والإشمام لسائرهم أي لباقي القراء السبعة وهم نافع وابن كثير وابن عامر، والعلائق جمع علاقة والمطول الحبل ونصبه على التمييز، أي يراهما أولى حبل يتعلق به والحبل يكنى به عن السبب الموصل إلى المطلوب، فكأنه قال: أولى الأسباب سببا أو يكون العلائق البضائع، ومطولا حال من الضمير المستتر في يراهما الراجع على أكثر.
قال الشيخ: لأنه يكون بذلك سببا للطول أو الطول.
367-
وَرَوْمُكَ إِسْمَاعُ المُحَرَّكِ وَاقِفًا ... بِصَوْتٍ خَفِيٍّ كُلَّ دَانٍ تَنَوَّلا
أخذ يبين حقيقة الروم فقال هو أن تسمع الحرف المحرك احترازا من الساكن في الوصل نحو: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} ، فهذا لا روم فيه إنما يكون الروم في المحرك في حالة الوصل فترومه في الوقف بأن تسمع كل قريب منك ذلك المحرك بصوت خفي قال في التيسير: هو تضعيفك الصوت بالحركة حتى يذهب بذلك معظم صوتها، فتسمع لها صوتا خفيًّا يدركه الأعمى بحاسة سمعه، وقال الشيخ: هو الإشارة إلى الحركة مع صوت خفي وكلاهما واحد وهذا أخصر، فقول الناظم: كل دانٍ مفعول إسماع، والمفعول الأول أضيف إليه إسماع، وهو المحرك أراد إسماعك المحرك كل قريب منك كقولك: أسمعت زيدا كلاما.