اعتدال اللفظ، وتقريب بعضه من بعض بأسباب مخصوصة وأسباب ترقيق الراء هنا لورش: أن يكون قبلها ياء ساكنة أو كسرة لازمة متصلة لفظا أو تقديرا والله أعلم.
343-
وَلَمْ يَرَ فَصْلاً سَاكِنًا بَعْدَ كَسْرَةٍ ... سِوى حَرْفِ الاِسْتِعْلاَ سِوَى الخَا فَكَمَّلا
أي لم يعتد بالحرف الساكن الذي وقع فصلا بين الكسرة اللازمة والراء فأعمل الكسرة ما تقتضيه من الترقيق كأنها قد وليت الراء وذلك نحو:
"إكراه" و"إكرام" و"سدرة"، فرقق؛ لضعف الفاصل بسكونه؛ فإن كان الفاصل الساكن حرف استعلاء قوي المانع فإنه لقوته في منع الإمالة لا يضعف بكونه ساكنا كما يضعف غيره، ولا يقع كذلك من حروف الاستعلاء إلا الصاد والطاء والقاف نحو: "إصرا" و"قطرا" و"وقرا".
واستثنى من حروف الاستعلاء الخاء فلم يعتد بها فاصلا نحو إخراجا؛ لأنها ضعفت عن أخواتها بالهمس والصاد وإن كانت مهموسة إلا أنها مطبقة ذات صفير فقويت فمنعت فإن قلت قوله: ولم ير من رؤية القلب فأين مفعولاه؟ قلت: فصلا هو المفعول الثاني وساكنا هو الأول أي لم ير الساكن فصلا وقوله: ساكنا نكرة في سياق النفي فهي للعموم فاستثنى من ذلك العموم حروف الاستعلاء فقوله: حرف بمعنى حروف اكتفى بالمفرد عن الجمع للدلالة على الجنس، ثم استثنى الخاء من هذا الجنس فهو استثناء من استثناء والاستثناء مغاير في الحكم للمستثنى منه؛ فحروف الاستعلاء فاصلة والخاء ليست فاصلة فهو كقولك: خرج القوم إلا العبيد إلا سالما فيكون سالم قد خرج، وقصر الناظم لفظي الاستعلاء والخاء ضرورة، والضمير في: ولم ير، وفي: فكملا لورش؛ أي كمل حسن اختياره بصحة نظره حين اختزل الخاء من حروف الاستعلاء فرقق بعدها:
344-
وَفَخَّمَهَا في الأَعْجَمِيِّ وَفِي إِرَمْ ... وَتَكْرِيرِهَا حَتَّى يُرى مُتَعَدِّلاَ
ذكر في هذا البيت ما خالف فيه ورش أصله فلم يرققه مما كان يلزم ترقيقه على قياس ما تقدم والتفخيم ضد الترقيق أي وفخم ورش الراء في الاسم الأعجمي أي الذي أصله العجمة وتكلمت العرب به ومنعته الصرف بسببه والذي منه في القرآن ثلاثة: "إبراهيم"، و"إسرائيل"، و"عمران"، كان يلزمه ترقيق رائها؛ لأن قبلها ساكنا بعد كسرة وليس الساكن حرف استعلاء، ثم قال وفي إرم أي وفخم الراء في: {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} 1.