الثاني: إدغام حرف في حرف من كلمة أو كلمتين، أو حيث وقع، وهو الذي عبر عنه بحروف قربت مخارجها، ويتعلق به بحث سنذكره في أول بابه إن شاء الله تعالى.

الثالث: الكلام في أحكام النون الساكنة والتنوين على الخصوص، لأنه يتعلق به أحكام أخر غير الإدغام والإظهار من الإخفاء والقلب، كما سيأتي والله أعلم.

255-

سأَذْكُرُ أَلْفَاظًا تَلِيهَا حُرُوفُهَا ... بالإظْهَارِ وَالإدْغَامِ تُرْوىَ وَتُجْتَلا

أراد بالألفاظ كلمات تدغم أواخرها السواكن وهي لفظ "إذ" و"قد" و"بل" و"هل" ونفس تاء التأنيث، وقوله تليها حروفها أي يتبع كل لفظ منها ذكر الحروف التي تدغم أواخر هذه الألفاظ فيها وتظهر على اختلاف القراء في ذلك، وإنما يذكر تلك الحروف في أوائل كلمات على حد ما مضى في شفا لم تضق وللدال كلم ترب سهل ونحو ذلك، والله أعلم.

256-

فَدُونَكَ إِذْ فِي بَيْتهَا وَحُرُوفُهَا ... وَمَا بَعْدُ بالتَقْييدِ قُدْهُ مُذَلَّلاَ

إذ منصوب المحل على الإغراء كقوله ودونك الإدغام أي خذ من تلك الألفاظ كلمة إذ فهي السابقة في الذكر في بيتها أي تفرد لذكرها بيت مستقل تذكر فيه هي والحروف التي تدغم الذال منها فيها فقوله وروفها بالنصب عطف على إذ وما بعد معطوف أيضا أي وخذ ما أذكره بعد ذلك، وسنبينه في البيت الآتي، ويجوز أن يكون مبتدأ وما بعده خبره أي، وما يأتي بعد ذلك قده مذللا أي خذه سهلا بسبب التقييد الذي أبينه به أي لا أدع فيه إلباسا، وهو من قولهم: بعير مذلل إذا كان سهل القياد وهو الذي خزم أنفه ليطاوع قائده ثم بين ذلك فقال:

257-

سَأُسْمِي وَبَعْدَ الْوَاوِ تَسْمُو حُرُوفُ مَنْ ... تَسمَّى عَلَى سِيمَا تَرُوقُ مُقَبَّلا

يعني أسمي القراء إما بأسمائهم أو بالرمز الدال عليهم ثم آتي بواو فاصلة بعد الرمز وآتي بعد الواو الفاصلة بحروف من سميت من القراء يعني الذي يظهر ذلك القارئ ذال إذ عندها أو يدغم، وهذا في غير القراء الذين اطرد أصلهم في إظهار واحدة من الألفاظ المذكورة عند جميع حروفها وإدغامها فإنه يقول في هذا أظهرها فلان وأدغمها فلان، ثم يذكر من انقسم مذهبه إلى إظهار وإدغام فيقول وأظهر فلان كذا وأدغم فلان كذا.

وحكمة الواو الفاصلة أن لا تختلط الحروف الدالة على القراء بالحروف المدغم فيها ولهذا إذا صرح باسم القارئ لا يأتي بالواو كقوله وأدغم ورش ضر -ظمآن- وأدغم ورش ظافرا وإن رمز أتى بالواو كقوله: وأظهر -ريا- قوله واصف جلا فالواو في واصف فاصلة بين رمز القراء والحرف المدغم فيه ولولا الواو لم تعرف كلمة رمز القراء من كلمة رمز الحروف ومثله وأدغم مرو واكف ضير وأدغم كهف وافر سيب لولا الواو لكانت الضاد من ضير والسين من سيب محتملة أن تكون رمز القارئ ورمز الحرف المدغم فيه، وإذا صرح بالاسم لم يكن إلباس لأنه قد تمهد من معرفة اصطلاحه أنه لا يجمع بين رمز ومصرح باسمه والسمو الارتفاع والعلو كنى به عن ذكر الحروف على وجه ظاهر لا إلباس فيه بسبب أنه قد فصل بالواو بينها وبين رمز القارئ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015