فقوله: ما قبل ساكن ليس على إطلاقه بل يختص بما كان من ذلك في كل ما يعد كلمة واحدة، قوله: وعند سكون الوقف: يعني إذا كان الساكن بعد حرف المد إنما سكنه الوقف، وقد كان محركا فسكونه عارض فهل يمد لأجله؛ لأنه سكون في الجملة أو لا يمد نظرا إلى عروض السكون ويكتفي بما في حرف المد من المد فيه وجهان وذلك نحو: {الْمَصِيرُ} 1، {وَيُؤْمِنُونَ} 2، {الْأَلْبَابِ} 3.

وذلك أيضا عام لجميع القراء وإنما قال سكون الوقف ولم يقل وعند الوقف احترازا من الروم فلا مد مع الروم ويمد مع الإشمام؛ لأنه ضم الشفتين بعد سكون الحرف.

ثم إذا قيل بالمد فهل هو مد متوسط أو مشبع؟ فيه وجهان، وذكر الشيخ وغيره أن الناظم أشار إلى هذين الوجهين بقوله: وجهان أصلا أي جعلا أصلا يعتمد عليه، وأشار بقوله: أصلا إلى وجه ثالث، وهو الاختصار على ما في حرف المد من المد ولا يظهر لي أنه أراد بالوجهين إلا القصر والمد؛ لأنه ذكر المد لما قبل ساكن ولم يبين طوله ولا توسطه، وقال بعد ذلك: وعند سكون الوقف وجهان أصلا فعلم أنه المد وضده وهو القصر، ولو كان أشار إلى الطول والتوسط لكان ممدودا بلا خلاف وإنما الخلاف في المقدار، والمد لا يفهم من عبارته في نظمه فالظاهر ما ذكرته لكن ما ذكره الشيخ يقويه ما يأتي في شرح البيت الآتي وقوله: أصلا تنبيه على الوجوه الثلاثة، كأنه قال: اختلف في مده وقصره بالنظر إلى أصل الكلام في ذلك، ثم إذا قيل بالمد فهل هو مشبع أو متوسط فيه وجهان، ولا يمتنع أن يكون أصلا رمزا لنافع فهو لفظ موهم كما ذكرناه في: "ووسطه قوم" وقوله قبل ذلك: "وعن كلهم" لا يدفع هذا الإبهام؛ لاحتمال أن يقال الذي هو عن كلهم هو غير سكون الوقف ثم لا فرق في حرف المد بين أن يكون مرسوما نحو: {قَالَ} 4 أو غير مرسوم نحو {الرَّحْمَنَ} 5. أو كان بدلا من همزة نحو: {الذِّئْبُ} 6، {وَيُؤْتِ} 7 والرأس.

واختار أبو الحسن الحصري وجه القصر في سكون الوقف؛ لأنه كسائر ما يوقف عليه مما قبله ساكن صحيح نحو: {وَالْعَصْرِ} 8 و {خُسْرٍ} 9 و {الصَّبْرِ} 10.

فما الظن بما قبله حرف مد؟ فقال في قصيدته التي نظمها في قراءة نافع:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015