في سورة الفتح: والخلاف بين القراء في هاء الكناية في صلتها بواو إن كانت مضمومة وبياء إن كانت مكسورة، وفي تحريكها بذلك من غير صلة ويسمى قصرا، وفي إسكانها في مواضع مخصوصة، وسيأتي جميع ذلك إن شاء الله تعالى:
158-
وَلَمْ يَصِلُوا هَا مُضْمَرٍ قَبْلَ سَاكِنٍ ... وَمَا قَبْلَهُ التَّحْرِيكُ لِلْكُلِّ وُصِّلاَ
قصر لفظ ها ضرورة أي هاء الضمير إذا لقيها ساكن لم توصل لجميع القراء؛ لأن الصلة تؤدي إلى الجمع بين ساكنين بل تبقى الهاء على حركتها ضمة كانت أو كسرة ومثاله: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ} 1، {وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى} 2.
وكذا إذا كانت الصلة ألفا وذلك في ضمير المؤنث المجمع على صلته بها مطلقا فإن صلتها تحذف للساكن بعدها نحو: {مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} 3، {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ} 4.
فقوله: ولم يصلوا "ها" مضمر عام يشمل ضمير المذكر والمؤنث وإن كان خلاف القراء واقعا في المذكر فحسب، فأمكن حمل اللفظ فيه على عمومه.
ولا يرد على هذا الإطلاق إلا موضع واحد في قراءة البزي فإنه يقرأ في سورة عبس: "عنهو تلهى" بالصلة وتشديد التاء بعدها فقد وصل قبل ساكن في قراءته، وأما قنبل فوصل قبل متحرك وهذا كما أنه يصل ميم الجميع في قوله تعالى: "ولقد كنتمو تمنون"5، "ظلتمو تفكهون"6.
على رواية تشديد التاء بعدها، ووجهه أن الجمع بين الساكنين في مثل هذا جائز فصيح من حيث اللغة؛ لأن الأول حرف مد والثاني مدغم، فهو من باب "دابة"، "والضالين".
فإن قلت: فلم لا يوصل نحو: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ} 7 فهو كذلك.
قلت: لأن الإدغام في "الذين" متأصل لازم بخلاف تلك المواضع، وقد سبق هذا الفرق في ترك صلة ميم الجمع قبل الساكن.
ثم قال: وما قبله التحريك أي والذي تحرك ما قبله من هاءات المضمر المذكر التي ليس بعدها ساكن فكل القراء يصلها بواو إن كانت مضمومة وبياء إن كانت مكسورة والضمير في وصل يرجع إلى "ما"؛ لأنها بمعنى الذي، وشدد وصل للتكثير؛ لكثرة المواضع نحو كسر وقطع، ومثال ذلك: