{يُعَذِّبُ} 1 في: {مَنْ يَشَاءُ} 2 حيث أتى في القرآن: {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} 3.
بضم الباء وهو خمسة مواضع سوى الذي في البقرة فإنه ساكن الباء في قراءة أبي عمرو فهو واجب الإدغام عنده من جهة الإدغام الصغير لا الإدغام الكبير، ولهذا وافقه عليه جماعة على ما سنذكره، فقوله: "با" مبتدأ وقصره ضرورة، ومدغم خبره، وما عدا كلمة يعذب لا يدغم باؤها في الميم نحو "ضرب مثل".
{سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا} 4.
لأنه اقترن بكلمة يعذب ما يجب إدغامه في أصله وهو "يرحم من": {وَيَغْفِرُ لِمَنْ} 5. إما قبلها أو بعدها فطرد الإدغام فيه موافقة لما جاورها فهذا آخر ذكر إدغام الحروف الستة عشر ولهذا ختم ذلك بقوله فادر الأصول أي قف على أصول الإدغام وحصلها لتأصلا أي لتشرف، يقال: رجل أصيل الرأي أي محكم الرأي، وقد أصلَ أصالةً.
ثم لما فرغ من تفصيل الحروف المدغمة في باب المتقاربين ذكر بعد ذلك ثلاث قواعد تتعلق بجميع باب الإدغام الكبير مثليا كان أو متقاربيا كل قاعدة في بيت، فقال في القاعدة الأولى:
154-
وَلاَ يَمْنَعُ الإِدْغامُ إِذْ هُوَ عَارِضٌ ... إِمَالَةَ كَالأَبْرَارِ وَالنَّارِ أُثْقِلا
أثقلا: أي ثقيلا وهو حال من الإدغام يريد بالثقل التشديد الحاصل بالإدغام ولم يرد أنه أثقل لفظا من الإظهار؛ لأنه ما أدغم إلا طلبا للخفة، وإذ هو عارض ظرف خرج مخرج التعليل، وقد سبق تحقيق القول فيه في شرح قوله: إذ م نسوه فيمحلا، وإمالة مفعول يمنع، وسقط التنوين منه؛ لإضافته إلى كالأبرار، وهو مشكل فإنه ليس في القرآن كالأبرار بالكاف، فالوجه أن يقال: هو مضاف إلى الكاف وحدها وهي هنا اسم بمعنى مثل كقول الراجز:
يضحكن عن كالبرد المثهم
أي إمالة مثل الأبرار، ويجوز أن تكون الكاف ضمير المخاطب والأبرار مفعول إمالة أي إمالتك الأبرار فهو مثل قوله: وإضجاعك التوراة ... والناظم -رحمه الله- كان ضريرا فأملى هذا اللفظ فسبق إلى ذهن الكاتب السامع منه أنها كاف التشبيه فكتبها متصلة بالأبرار والله أعلم أي لا يمنع الإدغام في حال ثقله إمالة الألف في نحو: {وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ رَبَّنَا} 6، {إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} 7.
لزوال الكسر الموجب للإمالة بالإدغام، وعلة ذلك أن الإدغام عارض، فكأن الكسرة موجودة، وهو كالوقف الذي تحذف الحركة فيه أيضا فهي وإن حذفت مرادة منوية، وهذه مسألة من مسائل الإمالة فبابها أليق