كنانته فيمن يوليه العراق، ويستطيع إخماد الشر الملتهب، ويصارع كل الأعداء في هذا الجزء المهم من الدولة، فلم يجد إلا أمير المدينة: الحجاج بن يوسف، فكتب إليه بخطه: أما بعد يا حجاج: فقد وليتك العراقين صدقة، فإذا قدمت الكوفة فطأها وطأة يتضاءل منها أهل البصرة، وإياك وهوينا الحجاز؛ فإن القائل هناك يقول ألفاً، ولا يقطع بهن حرفاً، وقد رميت العرض الأقصى، فارمه بنفسك، وأرد ما أردته بك، والسلام.
فلما قرأ الحجاج الكتاب، ترك المدينة إلى العراق، فقدم الكوفة في اثني عشر راكباً على النجائب، فبدأ بالمسجد فدخله، ثم صعد المنبر وهو متلثم بعمامة حمراء، فقال: عَليَّ بالناس، فحسبه أصحابه خارجيّاً فهموا به، حتى إذا اجتمع عليه الناس، قام فكشف الغطاء عن وجهه وقال:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني
أما والله إني لأحمل الشر محمله، وأحذوه بنعله، وأجزيه بمثله، إلى آخر الخطبة (?).
وبهذه الخطبة حدّد الحجاج سياسته تجاه أهل العراق، ووضَّح لهم نهجه فأخافهم (?) (?).
اختار الحجاج وجهتين لسير العمليات العسكرية: