طبيعته وعادته المجربة طول عمره (قلنا) : لا يبعد أن يؤدي اجتهاد مجتهد إلى قتله إذا كان كذلك، بل هو أولى من الترس، فإنه لم يذنب ذنبا، وهذا قد ظهرت منه جرائم توجب العقوبة وإن لم توجب القتل، وكأنه التحق بالحيوانات الضارية؛ لما عرف من طبيعته وسجيته (فإن قيل) : كيف يجوز المصير إلى هذا في هذه المسألة وفي مسألة الترس، وقد قدمتم أن المصلحة إذا خالفت النص لم تتبع كإيجاب صوم شهرين على الملوك إذا جامعوا في نهار رمضان، وهذا يخالف قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} (?) وقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} (?) وأي ذنب لمسلم يتترس به كافر؟
فإن زعمتم أنا نخصص العموم بصورة ليس فيها حظر كلي فلنخصص العتق بصورة يحصل بها الانزجار عن الجناية حتى يخرج عنها الملوك، فإذا غاية الأمر في مسألة الترس أن يقطع باستئصال أهل الإسلام، فما بالنا نقتل من لم يذنب قصدا ونجعله فداء للمسلمين، ونخالف النص في قتل النفس التي حرم الله تعالى (قلنا) : لهذا نرى المسألة في محل الاجتهاد، ولا يبعد المنع من ذلك، ويتأيد بمسألة السفينة، وأنه يلزم منه قتل ثلث الأمة لاستصلاح ثلثيها ترجيحا للكثرة؛ إذ لا خلاف في أن كافرا لو قصد قتل عدد محصور كعشرة مثلا، وتترس بمسلم فلا يجوز لهم قتل الترس في الدفع، بل حكمهم كحكم عشرة أكرهوا على قتل أو اضطروا في مخمصة إلى أكل واحد، وإنما نشأ