له: يا رسول الله، ألا تبني لك بمنى بيتا يظللك من الحر؟ فقال: لا، منى مناخ من سبق (?) » فتأول عثمان أن القصر إنما يكون في حال السفر. ورد هذا التأويل بأن النبي صلى الله عليه وسلم «أقام بمكة عشرا يقصر في الصلاة (?) » .

التأويل الرابع: أنه أقام بها ثلاثا. وقد «قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقيم المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثا (?) » فسماه مقيما والمقيم غير مسافر، ورد هذا التأويل بأن هذه إقامة مقيدة في أثناء السفر ليست بالإقامة التي هي قسيم السفر. وقد «أقام صلى الله عليه وسلم بمكة عشرا يقصر الصلاة، وأقام بمنى بعد نسكه أيام الجمار الثلاث يقصر الصلاة (?) » .

التأويل الخامس: أنه كان قد عزم على الإقامة والاستيطان بمنى واتخاذها دار الخلافة. فلهذا أتم، ثم بدا له أن يرجع إلى المدينة.

وهذا التأويل أيضا مما لا يقوى، فإن عثمان رضي الله عنه من المهاجرين الأولين وقد «منع صلى الله عليه وسلم المهاجرين من الإقامة بمكة بعد نسكه، ورخص لهم فيها ثلاثة أيام فقط (?) » فلم يكن عثمان ليقيم بها، وقد منع النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك، إنما رخص فيها ثلاثا؛ وذلك لأنهم تركوها لله، وما ترك لله فإنه لا يعاد فيه ولا يسترجع؛ ولهذا «منع النبي صلى الله عليه وسلم من شراء المتصدق لصدقته، وقال لعمر: لا تشترها ولا تعد في صدقتك (?) » فجعله عائدا في صدقته مع أخذها بالثمن.

التأويل السادس: أنه كان قد تأهل بمنى، والمسافر إذا أقام في موضع وتزوج فيه أو كان له به زوجة أتم، ويروى في ذلك حديث مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم، فروى عكرمة بن إبراهيم الأزدي عن أبي ذئاب عن أبيه قال: «صلى عثمان بأهل منى أربعا وقال: يا أيها الناس، لما قدمت تأهلت بها، وإني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015