فأطلق فيه ولم يفصل
ثم ذكر بقية مراتب الجود ثم قال: قال: (وهو على ثلاث درجات. الدرجة الأولى: أن تؤثر الخلق على نفسك فيما لا يخرم عليك دينا، ولا يقطع عليك طريقا، ولا يفسد عليك وقتا.
يعني: أن تقدمهم على نفسك في مصالحهم. مثل أن تطعمهم وتجوع، وتكسوهم وتعرى، وتسقيهم وتظمأ، بحيث لا يؤدي ذلك إلى ارتكاب إتلاف لا يجوز في الدين. ومثل أن تؤثرهم بمالك وتقعد كلا مضطرا مستشرفا للناس أو سائلا. وكذلك إيثارهم بكل ما يحرمه على المؤثر دينه فإنه سفه وعجز يذم المؤثر به عند الله وعند الناس.
وأما قوله: (ولا يقطع عليك طريقا) أي: لا يقطع عليك طريق الطلب والمسير إلى الله تعالى، مثل أن تؤثر جليسك على ذكرك وتوجهك وجمعيتك على الله. فتكون قد آثرته على الله وآثرت بنصيبك من الله مالا يستحق الإيثار. فيكون مثلك كمثل مسافر سائر على الطريق لقيه رجل فاستوقفه وأخذ يحدثه ويلهيه حتى فاته الرفاق. وهذا حال أكثر الخلق مع الصادق السائر إلى الله تعالى، فإيثارهم عليه عين الغبن. وما أكثر المؤثرين على الله تعالى غيره. وما أقل المؤثرين الله على غيره.
وكذلك الإيثار بما يفسد على المؤثر وقته قبيح أيضا مثل أن يؤثر بوقته ويفرق قلبه في طلب خلفه. أو يؤثر بأمر قد جمع قلبه وهمه على الله. فيفرق قلبه عليه بعد جمعيته، ويشتت خاطره فهذا أيضا إيثار غير محمود.
وكذلك الإيثار باشتغال القلب والفكر في مهماتهم ومصالحهم التي لا تتعين عليك على الفكر النافع واشتغال القلب بالله. ونظائر ذلك لا تخفى،