الأمر الثاني: القول بعدم إباحة ذبحها على أي حال كانت ميؤوسا منها.
واستدل لذلك بما يلي:
روى مسلم في [صحيحه] : عن جابر بن عبد الله قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الكلاب حتى إن المرأة تقدم من البادية بكلبها لتقتله، ثم نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتلها وقال: عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين، فإنه شيطان (?) » ، وروى مسلم أيضا عن عبد الله بن المغفل قال: «أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الكلاب ثم قال: ما بالهم وبال الكلاب ثم رخص في كلب الصيد وكلب الغنم، (?) » فإذا كان هذا في الكلاب التي لا ينتفع بها، بل قد يكون ضررها محققا كتنجيسها للشوارع ونحوها. فكيف بالحمر بحجة أنه لا ينتفع بها؟
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى أن تصبر بهيمة أو غيرها للقتل (?) » . متفق عليه.
وعنه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا (?) » . متفق عليه.
وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا (?) » رواه مسلم.
وقال النووي: قال العلماء: صبر البهائم أن تحبس وهي حية لتقتل بالرمي ونحوه- وهو معنى «لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا (?) » - أي: لا تتخذوا الحيوان الحي غرضا ترمون إليه كالغرض من الجلود وغيرها، وهذا النهي للتحريم، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - في رواية ابن عمر التي بعد هذه: «لعن الله من فعل هذا (?) » ، ولأنه تعذيب للحيوان وإتلاف لنفسه وتضييع لماليته وتفويت لذكاته إن كان مذكى ولمنفعته إن لم يكن مذكى.