خرج من تحتها جعل الله فيه النور ثم يزداد النور، كلما بعد عنها إلى أن يقابلها ليلة الإبدار، ثم ينقص كلما قرب منها، إلى أن يجامعها؛ ولهذا يقولون: الاجتماع والاستقبال، ولا يقدرون أن يقولوا: الهلال وقت المفارقة على كذا. يقولون: الاجتماع وقت الاستسرار، والاستقبال وقت الإبدار.

ومن معرفة الحساب الاستسرار والإبدار الذي هو الاجتماع والاستقبال، فالناس يعبرون عن ذلك بالأمر الظاهر من الاستسرار الهلالي في آخر الشهر وظهوره في أوله، وكمال نوره في وسطه، والحساب يعبرون بالأمر الخفي من اجتماع القرصين الذي هو وقت الاستسرار، ومن استقبال الشمس والقمر الذي هو وقت الإبدار، فإن هذا يضبط بالحساب.

وأما الإهلال فلا له عندهم من جهة الحساب ضبط؛ لأنه لا يضبط بحساب يعرف كما يعرف وقت الكسوف والخسوف، فإن الشمس لا تكسف في سنة الله التي جعل لها إلا عند الاستسرار، إذا وقع القمر بينها وبين أبصار الناس على محاذاة مضبوطة؛ وكذلك القمر لا يخسف إلا في ليالي الإبدار على محاذاة مضبوطة؛ لتحول الأرض بينه وبين الشمس فمعرفة الكسوف والخسوف لمن صح حسابه مثل معرفة كل أحد أن ليلة الحادي والثلاثين من الشهر لا بد أن يطلع الهلال، وإنما يقع الشك ليلة الثلاثين.

فنقول: الحاسب غاية ما يمكنه إذا صح حسابه أن يعرف مثلا أن القرصين اجتمعا في الساعة الفلانية، وأنه عند غروب الشمس يكون قد فارقها القمر، إما بعشر درجات مثلا، أو أقل أو أكثر، والدرجة هي جزء من ثلاثمائة وستين جزءا من الفلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015