لرؤيته (?) » ، ونهى عن كل منهما عند عدمها في قوله: «لا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه (?) » ، وأمرهم إذا كان غيم أو نحوه ليلة الثلاثين أن يكملوا العدة ثلاثين، ولم يأمرهم بالحساب، ولا بالرجوع إلى الحساب، بل حصر بطريق النفي والإثبات الشهر بالرؤية، فدل على أنه لا اعتبار شرعا لما سواها في إثبات الأهلة، وهذا تشريع من الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم عام للحاضر والباد، أبدا إلى يوم القيامة، ولو كان هناك أصل آخر للتوقيت لأوضحه لعباده؛ رحمة بهم، وما كان ربك نسيا.
واعترض عليه: بأن تعليق الحكم بثبوت رمضان والخروج منه بالرؤية معلل بوصف الأمة بأنها أمة أمية لا تحسب ولا تكتب، وقد زال عنها وصف الأمية بكثرة علماء النجوم وحساب منازل القمر، فيزول تعليق الحكم بالرؤية أو بخصوص الرؤية، ويعتبر الحساب وحده أصلا أو يعتبر أصلا آخر؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما.
وأجيب أولا: بأن وصف الأمة بأنها أمية لا يزال قائما اليوم بالنسبة لعلم النجوم ومنازل القمر في الأغلب والكثير منها، كما كان قائما في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والقرون الأولى في الأغلب منها بالنسبة لعلم النجوم ومنازل القمر، فقد كان العلم بذلك معروفا عند العرب، لكن العارفون به قلة، كما أن العارفين به اليوم قلة بالنسبة لغيرهم، ومع ذلك لم يعتبره النبي صلى الله عليه وسلم، فيجب أن يكون أمر المسلمين اليوم في هذا الحكم على ما كان عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وأجيب ثانيا: بأن الرؤية أمر عام؛ لتيسرها لسواد الأمة ومعظمها، فكان تعليق حكم صوم الشهر والإفطار منه بها أيسر للأمة، وأوفق بمقاصد