مفصلها كيف وقد ترادفت جيوشها وتلاطمت أمواجها ولمعت بوارقها ولكني أسأل الواهب المنان كثير الجود والإحسان أن يقدر لي الوصول إلى تلك الديار لأجدد عهدي وأنسي بأولئك السادة الأبرار فإن هذا القدر الذي وصلت إليه إنما هو من بركات ملاحظاتهم وأسرار مشاهداتهم.
وقد اتفق أني حررت الجواب الذي ورد علينا سابقا مع الكتاب المرسل إلى حضرة شيخنا المرحوم قطب المكارم السيد الوجيه العيدروس وأرسلناهما وفيه بيان بعض الأخبار وإفشاء نبذ من الأسرار ثم أخبرت فيما بعد أن جواب مكتوبي لم يصل إلى حضرتكم قال ذلك بعض طلبة العلم: الشيخ علي العديني فقلت: لعله خير وإنما يمنعني من إرسال المكاتيب كثرة أشغالي وتضاعيف الهموم والأحزان بالقلب البالي والتي لا يخلو الإنسان منها ولو كان في أجل النعم ثم الذي أخبركم مما من الله تعالى به علي: أني حين وصولي إلى مصر افترصت المدة وانتهزت القعدة فأكببت على تحصيل العلوم وتكميل منطوقها والمفهوم وتشرفت بالسماع والصحيح على مسنديها الموجودين.
فمن الطبقة الأولى - وهم الذين أدركوا البصري والنخلي والبنا والبقري والعجيمي - جماعة وهم: الشيخ أحمد بن عبد الفتاح بن يوسف المجري الملوي ورفيقه في الأخذ: الشهاب أحمد ابن حسن بن عبد الكريم الخالدي الجوهري وعبد الله بن محمد بن عامر الشبراوي والشمس محمد بن أحمد بن حجازي العشماوي والشهاب بن عبد المنعم صائم الدمنهوري وسابق بن رمضان بن غرام الرعيلي الشافعيون والأخير: أدرك الحافظ البابلي وأجازه لأنه ولد سنة 1068هـ، والبابلي وفاته سنة 1078هـ، وتوفي شيخنا المذكور في سنة 1083هـ، بعد وفاة شيخنا الشبراوي فهذا الرجل أعلى من وجدته سندا بالديار المصرية وكان له درس لطيف بالجامع الأزهر يحضر عليه الإفراد ولم يتنبه لعلو سنده إلا القليل لاشتغالهم بأحوالهم.
ثم أدركت الطبقة الثانية وهي مضاهية للأولى ومشاركة لهم فمنهم: الشيخ سليمان بن مصطفى المنصوري الحنفي والشيخ حسن بن علي المدابغي الشافعي والسيد محمد بن محمد التليدي الحسيني المالكي وعمر بن علي بن يحيى الطحلاوي المالكي والقطب عبد الوهاب بن عبد السلام المرزوقي العفيفي المالكي وعبد الحي بن الحسن الحسني البهنسي المالكي وعلي بن موسى الحسني المقدسي الحنفي ومحمد بن سالم الحنفي.
ثم أدركت بعد هؤلاء طبقة أخرى مشاركة لهم وهم كثيرون ورحلت إلى بيت المقدس فحطت بها جماعة مسندين وفي الرملة وثغريا ودمياط ورسد والحلة وسهنود والمنصورة وأبو صير ودمنهور وعدة من قرى مصر سمعت بها الحديث كما هو مذكور في المعجم الكبير الذي ذكرت فيه تفصيل ذلك.
ورحلت إلى أسيوط وجرجان وفرشوط وسمعت في كل منها وأجازني من مدينة حلب جماعة ومن مدينة فاس وتونس وسولا وتلمسان جماعة وأدركت من شيوخ المغاربة جماعة مسندين بمصر وغيرها.
وممن كتب إليه أستجيز منه لي ولحضرتكم ولأخيكم السيد أبكر1 ومحبنا العلامة عثمان الجبيلي خاتمة المحدثين بمدينة نابلس من الشام: الشمس محمد ابن أحمد بن سالم السفاريني الحنبلي وذلك في