قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: " قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى لنبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {خُذْ مِنْ أمْوِالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيِْهِمْ إنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) {التوبة: 103) (قَالَ الشَّافِعِيُّ) وَالصَلَاةُ عَلَيْهِمُ الدُّعَاءُ لَهُمْ عِنْدَ أَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنْهُمْ فَحَقٌّ عَلَى الْوَالِي إِذَا أَخَذَ صَدَقَةَ امرئٍ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ وَأُحِبُّ أَنْ يَقُولَ " آجَرَكَ اللَّهُ فِيمَا أَعْطَيْتَ وَجَعَلَهُ طهوراً لك وَبَارَكَ لَكَ فِيمَا أَبْقَيْتَ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صحيح.
يختار الوالي الصَّدَقَاتِ أَنْ يَدْعُوَ لِأَرْبَابِهَا إِذَا أَخَذَهَا مِنْهُمْ لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أمْوَالِهِمْ} إِلَى قَوْلِهِ {سَكَنٌ لَهُمْ) {التوبة: 103) مَعْنَاهُ وَادْعُ لهم إن دعوتك سكن لهم وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِصَدَقَاتِ قَوْمِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ لي فقال الله صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَثْنَى عَلَى أَهْلِ الصَّدَقَاتِ وَشَكَرَهُمْ وَذَمَّ أَهْلَ الْجِزْيَةِ وَأَغْلَظَ لَهُمُ فَوَجَبَ أَنْ يُتَأَسَّى بِأَفْعَالِهِ فِي الْفَرِيقَيْنِ لِيَقَعَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا أُخِذَ مِنَ الزَّكَاةِ طَهُورًا، وَبَيْنَ مَا أُخِذَ مِنَ الْجِزْيَةِ صَغَارًا وَإِذَا كَانَ هَذَا وَاضِحًا فَقَدْ حُكِيَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ أَوْجَبَ عَلَى الْوَالِي الدُّعَاءَ لِرَبِّ الْمَالِ عِنْدَ أَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنْهُ، احْتِجَاجًا بِمَا ذَكَرْنَا سَوَاءٌ سَأَلَهُ رَبُّ الْمَالِ الدُّعَاءَ لَهُ أَمْ لَا، وَلَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ مَتَى لَمْ يَسَلْ رَبُّ الْمَالِ الدُّعَاءَ لَهُ فَلَيْسَ عَلَى الْوَالِي أَنْ يَدْعُوَ لَهُ، لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ يَدْفَعُ الزَّكَاةَ مُؤَدٍّ لِعِبَادَةٍ وَاجِبَةٍ، وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ عَلَى غَيْرِهِ الدُّعَاءَ لَهُ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، فَأَمَّا إِذَا سَأَلَهُ رَبُّ الْمَالِ الدُّعَاءَ لَهُ فَفِي وُجُوبِهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُسْتَحَبُّ، وَلَا يَجِبُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِمَا ذَكَرْنَا، وَالْوَجْهُ الثَّانِي وَاجِبٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْأَمْرِ فِي الْآيَةِ.
: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ دُعَاءُ الْوَالِي، لِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ آجَرَكَ اللَّهُ فما أعطيت، وجعله لك طهور أو بارك لَكَ فِيمَا أَبْقَيْتَ، وَلَوْ قَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عليهم