أما اسلوب القرآن الكريم - وكما لا يخفى عليك أيضا - فما هو بشعر وما هو بنثر، وانما هو نسيج وحده من القول

ومن هنا فلا وجه للمقارنة بين ضربين مختلفين من القول وأحدهما يعتمد على الخيال بينما ثانيهما يقرر حقائق ويقول الحق

ثانيا: لم يزعم المتنبى أو غيره من الشعراء أنه يتلقى وحيا من الملأ الأعلى، أما محمد صلى الله عليه وسلم فانه قد ادعى ذلك صادقا

وأنت تعلم أن البينة تلزم المدعى وحده، وعلى هذا الأساس يقدم أنصار الاعجاز العلمى البينات العلمية على صدق هذه الدعوى

وهم غير ملزمين بالنظر فى أقوال الشعراء لأن الشعراء أنفسهم لم يدعوا لأنفسهم شيئا

ثالثا: الشخص الملحد الذى تخيلته وقد جاء مستشهدا ببيت المتنبى الذى ذكرته، هذا الشخص الوهمى لن يكون له وجود ذات يوم فى الواقع، لأنه لن يوجد شخص بمثل تلك السذاجة التى تدفع صاحبها أن يتطوع ومن تلقاء نفسه الى رفع قدر انسان عادى مثله الى مصاف الأنبياء لمجرد أن وجده قد تخيل شيئا فى شعره، ثم تحقق خياله الشعرى اتفاقا

ولو أجزنا ذلك لكان المتنبىء الشهير (نوستراداموس) فى رباعياته الشعرية هو الأولى والأحق بادعاء الوحى والنبوة، ولكن حتى هذا المذكور لم يدعيهما، ولم يتطوع أحد ليدعيهما له بالنيابة عنه

رابعا: حتى تسلم لك دعواك فيجب - علاوة على ما سبق - أن يكون هذا الخيال الذى تحقق فى بيت شعر للمتنبى متحققا وشائعا فى الكثير من أشعاره، وألا يقتصر ذلك على مثال وحيد من شعره، أى يجب أن تكون تلك قاعدة لا شذوذا، أو أن تمثل ظاهرة لا حالة وحيدة

أما دعوى القائلين بالاعجاز العلمى فيتحقق فيها هذا الشرط، فانهم لا يكتفون بمثال وحيد على نحو ما فعلت، وانما يأتون بالعديد من الشواهد التى لا يمكن اعتبارها شذوذا، بل ظاهرة ملحوظة ومن الصعب تجاهلها

أرأيت أخانا الفاضل الى عدد الالزامات التى تحاصرك وتلزمك أنت فيما تصورته الزامات لنا، وفيما ادعيته علينا من مصادرة على المطلوب

ندعو لك صادقين بأن ينجلى لك الحق ولا تستبد بك شهوة الجدل

وفقك الله لكل خير، وغفر الله لنا ولكم

ـ[بكر الجازي]ــــــــ[03 Oct 2009, 01:51 م]ـ

الأستاذ حسن عبد الجليل ...

بارك الله فيك وشكر لك ...

أخي الحبيب الجدل البيزنطي العقيم الذي لا يوصل إلى الحق لا فائدة ترجى منه، وما الغاية التي يرتجيها الإخوة في هذا النقاش إلى الوصول إلى الحق

لعلك اطلعت أخي على مداخلتي الأخيرة، والتي بينت فيها المصادرة على المطلوب التي وقع فيها الإخوة:

1. الأخ جلغوم ادعى أن الآية دالة على إمكان الصعود في الفضاء، وأن التدبر في هذه الآية يمكن أن يقودنا إلى صنع الطائرة، وأيده في ذلك الأخ العليمي ...

ولست أدري كيف يُفهم كل هذا من قوله تعالى ((كأنما يصعد في السماء)).

2. لم نزد على أن جينا بمثال من كلام العرب للمتنبي يمكن لنا أن ندعي فيه دلالته على كل ما استرسل الأخ جلغوم في بيانه مما يزعم أن الآية دالة عليه أو مشيرة إليه.

3. فلا يجوز أن يكون الرد: إن هذا كلام الله وليس كلام بشر، وإنك لم تفرق بين قول الشعراء وقول الله، لأن الكافر المعاند لا يسلم لنا ابتداء أنه كلام الله.

فما جاء به الإخوة في جوابي باطل مردود لتضمنه مصادرة على المطلوب، على ما هو معروف في أصول الجدل ومراسمه.

هذا إذا كنا نبغي الوصول إلى الحق من جدالنا هذا ...

فإن لم يعترف الإخوة بوجود المصادرة، ولم ينفصلوا عنها بجواب آخر، فهم أحرص على الجدل البيزنطي، وأجدر أن يكونوا ممن يريدونها عنزة ولو طارت.

للأسف أخي أنكم تريدون أن تقولوا بوجود الإعجاز العلمي في هذه الآية، سواء كان ما تحتجون به في إثبات ذلك صحيحاً أم باطلاً، وأجدر بمن كانت هذه حاله أن يكون هو أولى بالحرص على الجدل البيزنطي، فلا يعترف بالحق بعد وضوحه.

ولي أن أعتب عليكم أخي في هذا مع وضوح الحجة في بطلان ما جاء به الأخ جلغوم مما يزعمه مدلولاً عليه بالآية، أو مشاراً إليه فيها.

فإن أضفت إلى هذا خطأ ما ذهبتَ إليه في آية ((وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين، وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال)) من أنها دالة على دوران الأرض حول محورها، تبيَّنَ لك أنكم لم تستطيعوا حتى الآن الانفصال عن الإلزامات الموجهة إليكم.

ودمت موفقاً ...

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015