ـ[بكر الجازي]ــــــــ[24 Sep 2009, 07:39 م]ـ

بارك الله فيك أخي العبادي، وشكر لك مرورك ...

ولعلي إن شاء الله أضيف الجزء الأخير من المبحث المتعلق بهذه الآية، وأسأل الله أن ينفع به، وأن تنكشف به الإشكالات ...

واسمح لي أن أمر مروراً سريعاً على أسئلتك، على أن نوفيها حقها من البحث والمدراسة بعد إضافة الجزء الأخير ...

- ألا تعتقد أن هناك اختلافا بين مرحلتي التنظير والتطبيق في مثل هذه القضايا؟

حيث نجد أن كثيرا ممن يطرح هذا الموضوع من المتخصصين يتفقون على الأصول، لكن يختلف الأمر عندما يأتي دور تطبيق هذه الأصول على آية بعينها، حيث يُعمل كل شخص اجتهاده في الاستنباط من الآية وقد يصيب وقد يخطئ في هذا الاستنباط، ويبقى أن الجميع انطلق من أصول فكل من طرح وجهة نظره هم من المتخصصين المنطلقين من أصول التفسير وضوابط الاستنباط، ومع هذا اختلف اجتهاد كلٍ فيما تحتمله الآية.

أرى يا أخي أن الحق - والله أعلم- أنه ليس للإعجاز العلمي المدعى حظ من الصواب، فأنا ضد ما يسمى بالإعجاز العلمي من حيث المبدأ، هذا ما أراه منذ وقت طويل، وحتى هذه اللحظة، فإن جدَّ شيء في هذا الباب تطمئن إليه النفس، ويذعن له القلب، فأسأل الله أن أكون من الوقافين على الحق، المذعنين له، ولا يضير هذا المسلم في شيء، بل هو مفخرة له أي مفخرة.

ولذلك أقول أخي: إن الإعجاز العلمي باطل من حيث المبدأ تنظيراً وتطبيقاً، والله أعلم.

- بالنسبة للآية التي نحن بصددها الآن، ألا يمكن أن نعتبر ما ذكره أرباب الإعجاز العلمي من باب الإشارة لا من باب التفسير؟

وجزاكم الله خيرا

لقد سبق أن حررتُ محل النزاعِ في هذه المسألة على الوجه التالي:

1. نحن لا ننازع في أصل الحقائق العلمية، ولا في ثبوتها، بل ننازع في دلالة القرآن عليها، فلسنا ننكر شيئاً أثبته العلم الحديث إذا ما تبينه أهل الاختصاص، وتحققوا منه، كنقصان الأكسجين في طبقات الجو العليا، وأن للنجوم أصواتاً، أو أن للجبال جذوراً ضاربة في أعماق الأرض، أو أن البصمات تختلف بين بني البشر .... إلخ. نحن لا ننكر شيئاً من هذا إذا ثبت عند أهل الاختصاص، وليس هذا محل النزاع، بل نحن ننازع في دلالة القرآن على هذه الحقائق العلمية المكتشفة، وهذا أمر آخر لا علاقة له بثبوت الحقيقة من حيث هي.

2. آية (كأنما يصعد في السماء) لا نستطيع - جرياً على أصول البلاغة وحسن الإفهام- أن نقول بالتفسير العلمي فيها، ذلك أن هذا يعني أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يبين كيف يكون ضيق صدر الكافر بالإسلام، ثم لما أراد أن يقرب المعنى لهم جاءهم بتشبيه لا عهد لهم به، وهذا يخرج القرآن من البيان الإبهام، ومن الإعجاز إلى الإلغاز، ومن تقريب المعنى إلى السامع وتمكينه من نفسه - والذي هو الغرض من التشبيه- إلى تعمية المعنى على السامع وإدخال الحيرة إلى قلبه. كما أنك لو أردت أن تبالغ في وصف سرعة الرجل فتقول: هو كالبرق، أو هو كالريح، لأن التشبيه بالبرق تشبه بشيء معهود معروف للناس، على النقيض مما لو قلت في وصف سرعته: هو كالإلكترون، تشبيهاً له بالإلكترونات التي تدور حول النواة بسرعة فائقة كما هو معروف في الكيمياء، بل إنك تجدنا نشبه الرجل السريع بالضوء مثلاً بعد أن استقر لدينا أن الضوء ذو سرعة فائقة، أي بعد أن عرفنا هذا الحقيقة لا قبل أن نعرفها، وتشبيه السرعة بالضوء قبل معرفة هذه الحقيقة من باب الإلغاز والتعمية لا من باب البيان وحسن الإفهام. وهذا اعتراض متجه اتجاها شديداً، وعلى من يقول بخلافه أن يأتي بتشبيه يكون فيه المشبَّه به غير معروف ولا معهود.

2. ويبقى تخريج أشار إليه أول من أشار الأخ محمد الأمين، والذي سبق أن ذكرته، وسأوافيكم إن شاء الله بالجواب في الجزء الثالث والأخير من المبحث غداً إن شاء الله.

ولا يفسد هذا الخلاف للود قضية، فليس مقصودنا هاهنا التعرض لأحد بشخصه، ولا الإزراء به أو الانتقاص من قدره، فما نحن إلا طلاب حق أولا وآخرا، ولكم علي فضل المشاركة في هذا الموضوع بما يثريه فأستفيد منه إما بالإحسان في بيان الحجة، أو تحرير محل النزاع على وجه يبعد عنه الشبهة، أو لعلي أتبين بأخرةٍ خطأ ما أنا عليه، فأرجع عنه، ونسأل الله سبحانه أن يكون هذا خالصاً لوجهه.

أوافيكم غداً بالجزء الأخير، ثم نتدارس إن شاء الله الجوانب الأخرى في هذا الباب ...

وبارك الله فيكم جميعاً ....

ـ[محمد العبادي]ــــــــ[24 Sep 2009, 08:55 م]ـ

ولذلك أقول أخي: إن الإعجاز العلمي باطل من حيث المبدأ تنظيراً وتطبيقاً، والله أعلم.

أنا أخي لا أقصد التنظير والتطبيق للإعجاز العلمي، بل التنظير لمسألة ضوابط قبول القول الجديد في التفسير ثم تطبيق وتنزيل هذه الضوابط على الآيات القرآنية، فهي مسألة من أصول التفسير كما لا يخفاك، وللتوضيح ضربت عليها آية (وترى الجبال) مثالاً.

لقد سبق أن حررتُ محل النزاعِ في هذه المسألة على الوجه التالي:

...

استوعبت كلامك من أوله أخي الكريم ولم يفتني منه شيء، والذي أقصده هو ما يذكره أهل العلم من قبول بعض الأقوال في الآية لا على سبيل التفسير بل على سبيل الإشارة، ومثاله أيضا في المشاركة المحال عليها.

ولكم علي فضل المشاركة في هذا الموضوع بما يثريه فأستفيد منه إما بالإحسان في بيان الحجة، أو تحرير محل النزاع على وجه يبعد عنه الشبهة، أو لعلي أتبين بأخرةٍ خطأ ما أنا عليه، فأرجع عنه، ونسأل الله سبحانه أن يكون هذا خالصاً لوجهه.

كلامك هذا نبراس وعنوان لكل طالب علم ... زادك الله هدى وتوفيقا.

واسمح لي أن أمر مروراً سريعاً على أسئلتك، على أن نوفيها حقها من البحث والمدراسة بعد إضافة الجزء الأخير ...

بالانتظار وفقك الله وسددك.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015