في قوله تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ ءَابَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24) التوبة

أي أحب إليكم شيء قائم، ومطلوب الاستمرار فيه؛ الجهاد في سبيل الله، فعلى ذلك ثبتت ألفه.

وثبتت في قوله تعالى: (فَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52) الفرقان

طلب بالجهاد فكان بحذف الألف في الأمر (وجاهِدهم) وذلك لوقف شرهم وأذاهم، فكان الرسم بحذف الألف، وأكد الأمر بالمصدر، ووصفه بالكبير؛ (جهادًا كبيرًا) ما يفيد امتداد أثره واتساعه، وعلى ذلك كان ثبات ألف المد فيه.

وفي قوله تعالى: (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَواةَ وَءَاتُوا الزَّكَواةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) الحج.

فقوله تعالى: (وجاهدوا في الله حق جهاد) أي اجعلوه جهادًا ممتدًا ومتسعًا، وعلى ذلك ثبتت ألفه.

وحذفت في قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) الممتحنة

اتخاذ الأعداء أولياء، وإلقاء المودة إليهم يقطع الاستمرار بالجهاد، والخروج للجهاد غير مباشرة الجهاد، فسقطت على ذلك ألفه.

بسم الله الرحمن الرحيم

الكلمة الثامنة والعشرون

حذف وإثبات ألف قاتل

ألف كل فعل على وزن تفاعل؛ يدل على اثنين أو طرفين أو شيئين يشتركان في الفعل.

وهذه ثلاثة أفعال فيها تصادم كبير وشديد بين طرفين أو فئتين، نعرضها في ثلاثة أبحاث؛

حارب وجاهد وقاتل، وبينها اختلاف في أسباب المجابهة والصدام والمواجهة؛

فحارب؛ فعل يوصف به من تقصد العداء لغيره، وكان سببًا في إشعال الحرب معه.

وقاتل؛ فعل يوصف به من صد من عاداه وحاربه، وثبت له؛ فأحدث بصده له قتالاً معه.

وجاهد؛ فعل يوصف به من لم يجد سبيلا لوقف وكف شر من وقف في سبيل دعوته؛ إلا الدخول في القتال معه.

ورد فعل "قاتل" في كل مواضعه بحذف ألفه، وذلك أن الألف الدالة على طرفي القتال قد استويا في اشتراكهما في القتال؛ فكل واحد منهما يطلب الآخر.

ولم تثبت الألف إلا في "قتال" مصدر "قاتل".

ورد فعل "قاتل" بصيغة الماضي في موضعين؛

في قوله تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) آل عمران.

وفي قوله تعالى: (وَمَا لَكُمْ أَِلاَّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) الحديد.

وورد متصلاً بضمير المخاطبين "قاتلكم" مرة واحدة؛

في قوله تعالى: (وَلَوْ قَاتَلَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوْا الأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا (22) الفتح.

وورد متصلاً بضمير الغائبين "قاتلهم" مرتين؛

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015