وثبتت ألفه في قوله تعالى: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155) الأنعام.

الطلب باتباع الكتاب المبارك بما نزل فيه من الأحكام في آيات يتوالى نزولها؛ هو رحمة وثبات واستمرار للمتبعين له، وحفظ واتقاء لهم، وعلى ذلك كان ثبات ألفه.

وثبتت ألفه في قوله تعالى: (وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ (50) الأنبياء.

وصف الكتاب بأنه ذكر مبارك؛ لأن التذكير هو حفظ للمذكر مما يلحقه بسبب الغفلة والنسيان، وعلى ذلك ثبتت ألفه، وقد كانت هذه الأمة هي الأطول عمرًا في تاريخ الأمم بسب بركة هذا الكتاب، ومده لها بأسباب القوة والحفظ، والتأييد بالنصر من الله عز وجل.

وحذفت ألفه في قوله تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا ءَايَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ (29) ص.

في الآيات السابقة كان الخطاب مباشرة لمن نزل عليهم الكتاب؛ (ولتنذر)، (فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون)، (وهذا ذكر ... أفأنتم له منكرون)، وكان نزول الآيات يتتابع، والخير يتواصل بهذا التتابع.

أما في هذا الموضع؛ فإن التدبر للكتاب المبارك لم يقيد بزمن نزوله، والتدبر يكون فيما استقر وضعه وثبتت حدوده، وذلك بعد تمام نزوله.

ونزول هذا الكتاب لأجل تذكر أولي الألباب، وهذا لم تقيد أيضًا بزمن النزول، مما دل على أن ذلك بعد تمام النزول، ومعرفة حدود ما نزل، وعلى ذلك كان حذف الألف فيه.

ولفظ "مباركاً" بالنصب ورد أربع مرات؛ ثبتت ألف في ثلاث منها، وحذفت في الرابعة؛

في قوله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) آل عمران.

البيت الحرام هو أول بيت وضع للناس وأقدمها، وأدومها بقاء، وما يزال الناس يتوافدون إليه من أول يوم وضع فيه، ولم ينقطعوا عنه، وعلى ذلك ثبتت ألفه.

وثبتت الألف في قوله تعالى: (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَواةِ وَالزَّكَواةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) مريم.

جعل الله تعالى عيسى عليه السلام مباركًا أين ما كان، وهذا القول منه وهو في المهد؛ فهي بركة قائمة ممتدة من يوم مولده ومستمرة معه في حياته، وعلى ذلك كان ثبات ألف "مباركًا" فيه.

وثبتت الألف في قوله تعالى: (وَقُلْ رَبِّ أَنزِلْنِي مُنْزَلاً مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ (29) المؤمنون.

طلب لنوح عليه السلام من ربه بأن ينزله بعد الطوفان مكانًا مباركًا تمتد فيه البركة؛ بما سبق من إغراء قومه بفضائل الاستغفار، من إرسال السماء مدرارًا، ويجعل الله لهم جنات وأنهارًا؛ فعلى ذلك كان ثبات ألفه.

وحذفت الألف في قوله تعالى: (وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) ق.

فأما حذف الألف في هذا الموضع؛ فلأن الجنات وحب الحصيد لا يكونان إلا بعد تام نزول الماء، واستقراره في الأرض، فعلى ذلك كان حذف ألفه منه؛ لأن وجوده بالقدر الكافي شرط سابق لتكون الجنات وحب الحصيد.

وردت "مباركة" أربع مرات، وقد حذفت الألف فيها جميعًا؛

في قوله تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَواةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) النور.

وفي قوله تعالى: ( ... فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (61) النور.

وفي قوله تعالى: (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ الشَّجَرَةِ أَنْ يَامُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30) القصص.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015