الحلقة الثامنة من (المهمات في علوم القرآن) لفضيلة الشيخ خالد السبت

ـ[أبو معاذ البخيت]ــــــــ[04 Mar 2009, 12:13 ص]ـ

الأحرف والقراءات

أولاً: معنى الأحرف

* الحرف في اللغة يطلق على الحد, فحد السيف يعني طرفه الذي يقطع به، و منه الحد الذي هو الوجه , تقول: من الناس من يعبد الله على حرف، يعني على وجه واحد، أي إن كان في حال السراء والخير والرغد والنعمة فهو يلهج بحمد الله قائما وقاعدا, وإذا كانت الأمور في غير صالحه نكص على عقبيه , فهو يعبد الله عز وجل على حرف واحد ووجه واحد. هذا على بعض المعاني التي ذُكرت في قوله تعالى: (ومن الناس من يعبد الله على حرف).

* أما معنى نزول القرآن على سبعة أحرف فقد سرد فيه بعضهم كالسيوطي في الإتقان أربعين قولاً، وكثير من هذه الأقوال ساقطة بعيدة، والذي أظنه أقرب هذه الأقوال أن يقال: معنى الأحرف السبعة: أي سبعة أوجه من وجوه التغاير .. ـ وسيأتي بيان المراد بوجوه التغاير ـ وهذا قال به أئمة كبار من أشهرهم: خاتمة المقرئين ابن الجزري رحمه الله، وأبو الفضل الرازي، ومكي ابن أبي طالب، وجماعة كثيرة من المحققين يصعب حصرهم وسيأتي بيان ذلك.

ثانياً: معنى القراءات

* أما القراءات فهي جمع قراءة .. والمراد بها هنا بعض الأحرف السبعة ـ وسيأتي الفرق بين الأحرف والقراءات ـ ويمكن أن نعرفها فنقول: هي اختلاف ألفاظ الوحي (القرآن) في الحروف أو كيفيتها من تخفيف و تشديد وغيرهما. أو يُقال كما عرّفها ابن الجزري رحمه الله بقوله: هي علم بكيفيات آداء كلمات القرآن واختلافها بعزو الناقلة. أو يقال: هي مذهب من مذاهب النطق في القرآن يذهب به إمام من الأئمة القراء مذهباً يخالف غيره.

فالأحرف السبعة: هي سبعة أوجه من وجوه التغاير. والعلماء الذين قالوا بهذا القول حاولوا أن يحددوا الأحرف السبعة عن طريق الاستقراء، فنظروا في القراءات الموجودة ودققوا النظر في الفروقات التي بينها، فكلما وجدوا فرقاً من الفروقات أخذوه وقالوا هذا واحد، وإذا وجدوا فرقاً ثانياً أخذوه، وهكذا حتى جمعوا سبعة أوجه من وجوه التغاير.

وقد حاول كثير ممن قال بهذا القول أن يستقرئ القراءات الموجودة ويستخرج وجوه المغايرة فيها ثم يُعدد بعد ذلك سبعة أوجه من وجوه التغاير، ففعل ذلك عامتهم ولم أرَ أحداً تركه على سبيل الحصر والتحديد إلا أبو عمرو الداني رحمه الله في كتابة الأحرف السبعة، فإنه لما ذكر هذا المعنى. وهو أن معنى الأحرف هي سبعة أوجه من وجوه التغاير. قال مثل: كذا وكذا وكذا وكذا. أما بقية من رأيت فهم يذكرونها على سبيل الحصر، وهذا فيه إشكال وهو أن هذه الأوجه التي يذكرونها إنما يستنبطونها هم من خلال النظر إلى هذه القراءات، ونحن نعرف أن بقية الأحرف الستة استغنى الصحابة رضي الله عنهم عنها كما سيأتي .. فما عندنا إلا بعض الأحرف السبعة .. فالاستقراء غير تام.

ثم إن المشاهد أن هؤلاء العلماء الذين استقرؤا قد تفاوت استقراؤهم؛ ولذا لم يتفقوا على سبعة أوجه محددة .. ثم إذا نظرت إلى الأوجه التي يذكرون تجد أن بعضها يمكن أن يتداخل، ومن ثم فالأحسن إذا أردنا أن نذكر هذه الأوجه أن نذكرها على سبيل التمثيل لا على سبيل الحصر؛ لأن الحصر فيه شئ من التحكم، وهو استقراء غير تام .. ومن ثم يصعب فيه التحديد .. وإنما نمثل لهذه الأوجه، كأن نقول:

1 - مثل اختلاف الأسماء في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث. مثاله قوله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) وفي القراءة الأخرى (والذين هم لأمانتهم وعهدهم راعون) فالأولى بالجمع (لأماناتهم) وفي القراء ة الثانية بالإفراد (لأمانتهم) فهذا وجه من وجوه التغاير، وهو أن الاسم الواحد قد يذكر في حرف مجموعاً، وقد يكون مفرداً في حرف آخر في نفس الآية فتقرأ على وجهين.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015