هل تفسير ابن كثير للعرش يوم القيامة صحيح؟

ـ[عادل سليمان القطاوي]ــــــــ[15 Feb 2009, 07:35 م]ـ

ما هية عرش الرحمن يوم القيامة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه .. وبعد ..

هذا المقال كان ردا لي على إحدى المقالات في إحدى المنتديات ..

فأحببت أن أكتبه ها هنا لما فيه من فوائد مهمة ..

وهو متعلق بقول الإمام ابن كثير في تفسير قوله تعالى:

(وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ?)

قال رحمه الله وطيب ثراه:

أي يوم القيامة يحمل العرش ثمانية من الملائكة، ويحتمل أن يكون المراد بهذا العرش، العرش العظيم، أو العرش الذي يوضع في الأرض يوم القيامة لفصل القضاء، والله أعلم بالصواب. اهـ

أقول هذا الكلام لم يقله غير ابن كثير رحمه الله تعالى فيما أعلم ..

والإمام ابن كثير أبي عمر هو المحدث الحافظ المفسر المؤرخ إمام وعلم من أعلام أئمة السلفية .. وهو تاج على رؤوسنا .. رحمه الله وأثابه على جهده ..

ولكن تحكمنا ها هنا قاعدتان:

القاعدة الأولى: أن كل إنسان يؤخذ من قوله ويرد ....

والثانية: أنه حبيب إلينا ولكن الحق أحب إلينا منه ....

وهاتان القاعدتان كالرايتان المرفوعتان على عاتق كل إمام من أئمة السلف ..

وهو وشيوخه (ابن تيمية وابن القيم والذهبي) وغيرهم - رحمهم الله تعالى - علمونا ألا نتكلم في مسائل الغيبيات والأسماء والصفات .. إلا بدليل صحيح ..

وها هنا السؤال المطروح بداهة:

من أثبت أو قال من العلماء أن العرش يوم القيامة، والذي تحمله الملائكة بنص الآية، مغاير لعرش الله المذكور في الكتاب والسنة الصحيحة؟

أعتقد أنه لم يقل هذا القول أحد قبل الإمام ابن كثير!!

وإن كان،، فما هو الدليل عليه؟

وأقول أن هذا الكلام غير صحيح لأمرين:

الأمر الأول: مأخوذ من كلامه رحمه الله:

فقد قال: (ويحتمل .. )

وهذا الاحتمال بغير دليل أولا ..

وليس على ثبوت التغاير دليل ثانيا ..

والأغرب أنه قال في عبارته:

ويحتمل أن يكون المراد بهذا العرش، العرش العظيم، أو العرش الذي يوضع في الأرض يوم القيامة لفصل القضاء .. الخ ..

ففيه غير قوله بالاحتمال المذكور أعلاه:

أنه جعل الأول – مع أنه الصحيح المتبادر – محتملا ..

وجعل الثاني مؤكدا بقوله: (أو العرش) بالألف واللام (الذي يوضع في الأرض يوم القيامة لفصل القضاء) .. جزما منه كما هو ظاهر ..

وهذا الكلام بظاهره يؤكد على وجود عرش آخر يوضع في الأرض يوم القيامة ليستوي عليه الرب لفصل القضاء ..

وإنما بحثه ينصب على أيهما أولى بتفسير الآية!!

وهذا واضح من كلامه رحمه الله وأثابه على جهده ..

الأمر الثاني:

أن العرش المذكور في الكتاب والسنة هو عرش واحد ..

وهو يقينا الذي تحمله الملائكة الثمانية يوم القيامة ..

ودليل ذلك أمران:

الأول أنه لم يثبت فيه دليل شرعي من كتاب أو سنة:

ولعظم الوصف به يوم القيامة لم يبينه النبي صلى الله عليه وسلم في أي حديث صحيح أو ضعيف، وكذلك لم يرد عن أي من صحابته الكرام ولا أجلاء التابعين ..

ومعلوم أن البيان في هذا الأمر ضروري ..

وكل أحداث الرحلة إلى الدار الآخرة من الموت والبعث والقيامة مرورا بالأحداث العظام إلى الجنة والنار .. لم يثبت عن عرش يوم القيامة شيء يبين أنه غير عرش الرحمن .. وحيث لم يرد فلا يصح التخمين والاحتمال ..

الدليل الثاني:

الأدلة الكثيرة فيما ورد عن العرش ..

فصحيح الأخبار تدل على مباينته لغيره من المخلوقات وأنه ليس نسبته إلى بعضها كنسبة بعضها إلى بعض ..

قال الله تعالى:

(الذين يحملون العرش ومن حوله يسحبون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا واتعبوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم).

وقال الله تعالى:

(وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين)

وجمع في موضع ثالث بين حملته ومن حوله فقال:

(الذين يحملون العرش ومن حوله)

وأيضاً فقد أخبر أن عرشه كان على الماء قبل أن يخلق السماوات والأرض كما قال تعالى:

(وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء).

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015