المؤلفون  /  محمد عمرو بن عبد اللطيف

نبذة عن المؤلف

سنة الوفاة (هجري) : 1429

محمد عمرو بن عبد اللطيف ( 1374 هـ - 1429 هـ = 1955 م - 2008 هـ) هو الشيخ العلامة المحدث، البحاثة النقاد، ذو العقل الوقاد، صاحب التحريرات النافعة، والتحقيقات الناصعة، الصالح الورع، عالم مصر ودرّة محدثيها، وحافظ الكنانة ونابغها، فريد الورع والصلاح والديانة، نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكيه على الله. 1- اسمه ونسبه محمد عمرو بن عبد اللطيف بن محمد بن عبد القادر بن رضوان بن سليمان بن مفتاح بن شاهين الشنقيطي. فـ (محمد عمرو) اسمٌ مركب، وترجع أصول الشيخ إلى شنقيط، فقد جاء بعض أجداده إلى مصر قديمًا فرارًا من التجنيد واستقر بها. 2- مولده ونشأته ولد الشيخ - رحمه الله وطيّب ثراه - في حي مصر الجديدة من محافظة القاهرة، عاصمة مصر، في الحادي عشر من شهر رمضان المبارك عام 1374 هـ الموافق 5/2/1955م واستقر الشيخ منذ صغره مع عائلته المكونة من ستة أفراد - هو أصغرها - في منطقة المعادي، وفي بعض مدارسها تلقى الشيخ تعليمه الابتدائي والإعدادي ثم الثانوي، ثم التحق بمعهد (السكرتارية) بمنطقة (مَنْيَل الرَّوضَة). وحين وصل إلى السنة الثالثة من الدراسة في (معهد السكرتارية) تقرر تحويل المعهد إلى (كلية التجارة وإدارة الأعمال) التابعة لجامعة حلوان، كما تم نقل موضعه أيضًا من الموضع السابق إلى منطقة (الزمالك)، في الموضع الحالي. 3- اتجاهه إلى طلب العلم وأهم شيوخه لفت بعض أصحاب الشيخ نظره إلى قراءة بعض كتب العقيدة السلفية، يوم كان عمر الشيخ نحو (17 - 18) عامًا، ويبدو أن الشيخَ تأثر بهذه الكتب أشد ما يكون التأثر، فبدأ يسلك الطريق، ويترسم الخُطا. ولعل من نعم الله - عز وجل - على عبده (محمد عمرو) رحمه الله، أنه اتجه للحديث، وأقبل عليه، وأحبه، وهو في سن مبكرة؛لم يكن الشيخ حينها قد بلغ العشرين من عمره. ويخبر الشيخ - رحمه الله تعالى - عن هذه النقلة المهمة فيقول:«كان عندنا كتاب «الترغيب والترهيب» للمنذري - رحمه الله - ضبط وشرح الشيخ: محمد خليل هراس - رحمه الله - فقرأت تعليق الشيخ عند حديث دعاء حفظ القرآن الذي رواه الترمذي والحاكم فقال فيه عند قول الترمذي (حسن غريب): (وأي حسن فيه يا علامة ترمذ ؟ وهل نصدقك بعد هذا فيما تحسن أو تصحح من حديث ؟). وقال معلقا على قول الحاكم: «صحيح على شرطهما» (ثم تأمل تبجح الحاكم وقوله صحيح على شرطهما، لا والله ما هو على شرطهما، ولو رواه أحدهما لسقط كتابه في الميزان كما سقط مستدركك أيها الحاكم». يقول الشيخ محمد عمرو: «وكان يسمي المستدرك: المستترك، أي: الذي يستحق الترك.فكان له تأثير كبير عليَّ في حب هذا العلم، كما أن المنذري في آخر كتابه سرد أسماء الرواة المختلف فيهم الذين مر ذكرهم أثناء الكتاب فهذا أيضا مما أثر في وحبب إليّ علم الرجال، وكان بجوار المعهد (المكتبة السلفية بالمنيل) فاشتريت منها الأدب المفرد، وموارد الظمآن، وبعض الكتب في العقيدة مثل: صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان، للسهسواني والأخير يتميز بجو حديثي، فهذه من أوائل الكتب التي تأثرت بما فيها». كان هذا هو بعض ما حبب الشيخ في علم الحديث، لكن تبقى معالم هامة في حياة الشيخ (محمد عمرو) الحديثية، لا يسعنا أن نغفل الإشارة إليها ونحن نسوق بعض العلامات التي أثرت في الشيخ«حديثيًّا». الشيخ الإمام: محمد ناصر الدين الألباني قال الشيخ محمد عمرو - رحمه الله -: «كنت متجها إلى مسجد أنصار السنة بعابدين، حين رأيت رجلًا أبيض مشربًا بحمرة، له لحية بيضاء، الناس مجتمعون حوله، وهو يتكلم عن حديث السبعين ألفًا، فقال: (وفي رواية: (الذين لا يرقون ولا يسترقون) وزيادة لا يرقون شاذة والشذوذ من سعيد بن منصور - رحمه الله -...». يقول الشيخ أيضًا: «وبعدها بمدة عرفت أن هذا الكلام لشيخ الاسلام، أنه حكم على زيادة يرقون بالشذوذ.وكانت هذه هي المرة الأولى والأخيرة التي أرى فيها الشيخ، والطريف أنني رأيته ثم بعد ذلك عرفت أن هذا هو الشيخ الألباني..كان عمري حينها 20 أو 21». لقاء واحد ؟! نعم هو كذلك، وكان عمر الشيخ محمد يومها عشرين عامًا أو واحدًا وعشرين.. لكن العلاقة بين الشيخين لم تكن هكذا وفقط.. فإنه ليس بمقدور أحد أن ينكر استفادة أهل العلم وطلبته، وبخاصة أهل الحديث، من كتب وتحقيقات الشيخ الألباني - رحمه الله -. والشيخ محمد عمرو - رحمه الله - قد أكثر من مطالعة كتب الشيخ - رحمه الله - ودراستها، وكان رحمه الله يجل الشيخ الألباني ويوقره، ويسمّيه أحيانًا «الشيخ الكبير». ولكن قد يخالف الشيخُ محمد عمرو الشيخَ الألبانيّ - رحمهما الله - في أشياء، وأهل السنة بعضهم لبعضٍ كاليدين، تغسل إحداهما الأخرى، وليس ثَمَّ عالم إلا وهو مستدرك عليه، والشيخ الألباني نفسه هو الذي علّمنا أنه (كم ترك الأول للآخر). الشيخ محمد نجيب المطيعي (صاحب تكملة المجموع) يقول الشيخ محمد عمرو: «بالطبع تأثرت بالشيخ المطيعي - رحمه الله - ودروسه في مسجد الفتح بالمعادي، وكانت بيننا بعض مساجلات أذكر منها أنه مرة قال: (لا دليل أن الله - سبحانه وتعالى - يوصف بالقديم)[هذا هو الصواب بلا ريب وهو معتقد الشيخ محمد عمرو - رحمه الله -] فانصرف ذهني إلى حديث أبي داود. لكن شيخ أبي داود في هذا الحديث كان يرمى بالقدر، ووجدت له مصيبة أخرى في العقيدة، واسمه إسماعيل بن بشر بن منصور، ومع أنه صدوق إلا أن له حديثا آخر متعلقًا بالعقيدة؛ ففي صدري من هذا الرجل. المقصود أنني ذكرت للشيخ حديثه في سنن أبي داود وهو حديث: (كان إذا دخل المسجد قال: أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم...) الحديث. فقال الشيخ كلامًا في محاولة تأويل هذا. ثم في يوم الجمعة التي تليها، قال الشيخ: (يا شيخ عمرو، هذه سنن أبي داود، هات الحديث الذي نَخَعتَه) وكان معه سنن أبي داود، وجلس على المنبر وأنا أمامه، ففتحت الكتاب واستخرجت له الحديث فقال الشيخ: (ظننتك تقول دعاء دخول المنزل وليس دعاء دخول المسجد) وكان الشيخ يثق في، مع أنني لم أخالطه كثيرا، ولم ألزمه كما يدعي البعض. وكان يقول في أثناء بعض دروسه: (لا أثق إلا في محمد عمرو ومحمد الصَّوَّاف) في جملة الطلبة الذين يحضرون له هذه المجالس. ثم بعد مدة أعطاني الإجازة دون أن أطلبها منه، فقال: (اذهب إلى الجزء الثالث عشر من المجموع، وخذ الإجازتين، إحداهما إلى النووي، والأخرى إلى البخاري [إسناد المعَمَّرين]). وبعد هذا الاستطراد نقول: تخرج الشيخ (محمد عمرو) من كلية (التجارة وإدارة الأعمال)، ثم عين موظفًا بمديرية القوى العاملة في مجمع التحرير براتب شهري (38) جنيهًا لكن الشيخ لم يستمر في الوظيفة الحكومية سوى لشهرين فقط! بل تورع الشيخ - رحمه الله - عن أخذ مرتب الشهر الثاني، لما في العمل من اختلاط بين الرجال والنساء، وما فيه من متبرجات. ثم تركها واستمر في القراءة والطلب.. ومنذ كان عمر الشيخ 22 عامًا إلى أن أصبح عمره 32 عامًا وعلى مدار هذه السنوات العشر، مر الشيخ بأحداث كثيرة يمكننا أن نوجزها في الآتي: * اعتقل الشيخ في الفترة من 14 / 12 / 1981 م إلى 1/1/1983 م في أحداث أوائل الثمانينات الشهيرة. * كان لابد للشيخ أن يعمل، فهو أحيانًا يقف أمام عربة «فِشار» ليبيع الفِشار في شارع بجوار بيته. يقول الشيخ محمد عمرو:«وعملت مرةً في تخريج الأحاديث بالساعة»، ويذكر الشيخُ أن بعض الإخوة دفع إليه بكتاب «عمل اليوم والليلة» لابن السنيّ ليقوم بتخريجه، لكن العمل لم ينجز لسبب أو آخر. * وأولى ما يشار إليه من أحداث خلال هذه الحقبة من حياة الشيخ، أنه أصدر فيها عدة مؤلفات حين كان عمره ما بين (28 - 32) عامًا. وهي كل الكتب التي لا يرضى الشيخ عن منهجه فيها، وليس في هذه الحقبة كتاب واحد إلا وتراجع الشيخ عن بعض ما فيه، وسيأتي تفصيل ذلك في الكلام على مؤلفات الشيخ إن شاء الله. 4- بعض تلامذة الشيخ الشيخ: أبو معاذ طارق بن عوض الله بن محمد، صاحب التصانيف التي راجت وفاح عطرها. الشيخ: أبو تراب عادل بن محمد بن أحمد، مدير دار التأصيل بمصر، سابقًا. وهذان من أنجب من استفاد من الشيخ، بل إن الشيخ كان يكثر الثناء عليهما، وكان ربما يستشيرهما في بعض النواحي العلمية، وكثيرًا ما أحال على دروسهما العلمية. وأما غير هذين ممن استفاد من الشيخ فكثير، منهم: الشيخ: خليل بن محمد العربي (صاحب الفرائد على مجمع الزوائد، وله اعتناء بكتب الإمام الذهبي، فله كتاب من جزءين جمع فيه أقوال الذهبي في الجرح والتعديل). الشيخ: إبراهيم القاضي (ممن قام بتحقيق فتح الباري لابن رجب، ط. الحرمين). الشيخ: السيد محمود إسماعيل (قام بتحقيق الاتحاف للبوصيري). الشيخ: أبو ذر صبري عبد الخالق الشافعي (قام بتحقيق مختصر زوائد مسند البزار على الكتب الستة ومسند أحمد لابن حجر ط. مؤسسة الكتب الثقافية). 5- سرد مؤلفات الشيخ المطبوعة والمخطوطة أما المطبوع منها فهو قسمان: الأول: قديم ألفه الشيخ في المعادي، وكان الشيخ - رحمه الله - لا يرضى عنه، بل ينقده بنفسه، وهو أقل انتشارًا إلى حد ما من الثاني، وهذا كان على الطريقة الأولى في التفكير، التي يسميها الشيخ «مرحلة التقليد» لذا لا يرضى الشيخ عنه الآن، فهي مؤلفات على منهج المتأخرين الذين يوصفون بالتساهل، والاغترار بظواهر الأسانيد، وإغفال التفتيش الدقيق عن العلل. لذلك غالبًا لا يرضى الشيخ عن حكمه النهائي على الأحاديث في هذه المؤلفات، لكنها كتب حوت علمًا كثيرًا، وفوائد جمّة. الثاني: متأخر نسبيًا، ألفه الشيخ في مدينة نصر، وهو مرضيٌّ عنه (في الجملة) ويتميز بالتأني، والتعمق في البحث والتحليل، وترسم خطا الأئمة النقاد في التصحيح والتضعيف والتحسين والإعلال، ويسمي الشيخ هذه المرحلة «مرحلة الاتباع». والشيخ لا يختلجه الآن شك في خطأ منهجه القديم وبعده عن الصواب. ويمكن حصر المصنفات التي لا يرضى الشيخ عن حكمه النهائي على الأحاديث فيها (مؤلفات المعادي) في الآتي: أخذ الجنة بحسن حديث الرتع في رياض الجنة، ومعه الأذكار الصحاح والحسان في الصباح والمساء وبعد الصلاة. القسطاس في تصحيح حديث الأكياس. آداب حملة القرآن للآجري، الذي طبع زورًا باسم: أخلاق أهل القرآن. البدائل المستحسنة لضعيف ما اشتهر على الألسنة، الجزء الأول. كما يمكن أن نحصر المصنفات التي يرضى الشيخ عنها فيما يأتي: «حديث (ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة...) في الميزان»، وهو آخر ما طبع للشيخ رحمه الله. «حديث (قلب القرآن يس) في الميزان». وقد طبع هذا الجزء مرتين، والمعتمد هو الطبعة الثانية المطبوعة مع الجزء السابق «الفَينَة» في مجلّد. تبييض الصحيفة بأصول الأحاديث الضعيفة (1، 2)(100 حديث على جزئين). تكميل النفع بما لم يثبت به وقفٌ ولا رفع (جزء واحد فيه 25 حديثًا). تخريج أحاديث الحقوق (حقوق دعت إليها الفطرة وقررتها الشريعة للشيخ ابن عثيمين). تخريج أحاديث كتاب: (الذل والانكسار للعزيز الجبار) لابن رجب الحنبلي. تعليقات على كتاب: (إماطة الجهل بحال حديثَي «ماخير للنساء» و«عقدة الحبل») جمع وتنسيق زوجِه: أم عبدالرحمن بنت النوبي. وأما إنتاج الشيخ المخطوط فهو على القسمين السابقين أيضًا، وأرى أن نعرض عن ذكر القسم الذي لا يرضى الشيخ عنه إذ لا فائدة من ذكره. ويبقى قسم يرضى الشيخ عنه، أرجو أن يرى النور قريبًا، ويمكن حصره فيما يأتي: أحاديث وروايات فاتت أئمة وسادات (مسودة) وهذا يسميه الشيخ مشروع العمر، والعمل فيه منذ سنوات وسنوات. جزء في تخريج حديث: «ما السماوات السبع...»(مسودة). جزء في تخريج حديث: «ثلاث جدهن جد...»(مسودة). «الدراري الفاذة في الأحاديث المعلة والمتون الشاذة»(مسودة). «الهجر الجميل لأوهام المؤمل بن إسماعيل» أو «المعجم المعلل لشيوخ العدوي مؤمَّل»(مسودة). حديث «لا يدخل الجنة عجوز» في الميزان (مسودة). جزء فيه زيادة «ونستهديه» في خطبة الحاجة (مسودة) جزء فيه حديث دعاء بعد الوضوء «اللهم اجعلني من التوابين...»(مسودة). «مختصر فضل ذي الجلال بتقييد ما فات العلامة الألباني من الرجال»(مسودة). وقد قرأ الشيخ بعض ما بيّضه في هذا الكتاب الأخير، وسجل ذلك في بعض الأشرطة. 6- ثناء بعض أهل العلم على الشيخ فلتعلم أخي القارئ أن الشيخ لم يكن له نشاط - تقريبًا - في الخطب والدروس العامة إنما درسه لطلبة الحديث خاصة، وأيضًا قد منع منذ عام (1995) أو (1996) من إلقاء هذه الدروس؛ كما أجمع من عرف الشيخ - رحمه الله - أنه كان كارهًا للشهرة والصيت، محبًا للخمول، حرصًا على قلبه من الكبر وعلى عمله من الرياء. فكل ذلك ساعد على عدم معرفة طلبة العلم بالشيخ بما يتناسب مع مستواه العلمي، لكنّ أهل العلم والدعاة في مصر عرفوه وخبروه، وأثنَوا عليه وعرفوا فضله وتقدمه على أقرانه وصرَّحوا بذلك. وممن أثنى على الشيخ (محمد عمرو) رحمه الله: الشيخ الإمام الألباني: أخبرَ الشيخُ محمد عمرو أنه سمع في بعض الأشرطة المسجلة بين الشيخ أبي إسحق والشيخ الألباني، والشيخ أبو إسحق يسأله عن كتاب: (القسطاس في تصحيح حديث الأكياس) للشيخ محمد عمرو فقال الشيخ الألباني: باحث جيد له مستقبل جيد في اعتقادي (أو نحو ذلك). وهذا الكتاب من كتب الشيخ القديمة التي لا يرضى عنها. الشيخ العلامة المحدث مقبل بن هادي الوادعي: لما زار الشيخ مصر، وفي مسجد الكحال قال: (أعلم أهل مصر بالحديث محمد عمرو عبد اللطيف). وكان الشيخ محمد عمرو قد نبه الشيخ مقبلاً على علة حديث، وأشار الشيخ مقبل إلى ذلك في كتابه:«أحاديث معلة ظاهرها الصحة» تحت الحديث رقم (395) صفحة: 258 ط. مكتبة ابن عباس بالمنصورة: (سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته) ما نصه: (الحديث إذا نظرت في رجاله قلت: على شرط الشيخين، ولكنه منقطع: خالد الحذاء لم يسمع من أبي العالية؛ أفادني بهذا الأخ محمد بن عمرو المصري ؛ فرجعت إلى تهذيب التهذيب فوجدته كما يقول حفظه الله) أهـ. وقد سبق أن اسم الشيخ مركبٌ: (محمد عمرو). وأخبرَ الشيخُ محمد عمرو أن الشيخَ مقبلاً لما زار مصر وألقى بعض الدروس في مسجد عقبة بن نافع، وقبل أن ينصرف استخلفه للجلوس مكانه وإلقاء الدروس بعده. الشيخ العلامة محمد بن عبد المقصود العفيفي: قال الشيخ العلامة محمد بن عبد المقصود العفيفي في رسالته «بحث في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم مع الراجح من أقوال العلماء في الآراء الخلافية» (صفحة 17): «وقد ذكر العلامة محمد عمرو عبداللطيف حفظه الله في كتابه (تبييض الصحيفة) أنه قد انفرد بها زائدة بن قدامة...» إلخ. وقال في الشريط رقم (17) ضمن سلسلة فقه العبادات : «يا إخواننا شيخنا وأستاذنا المحدث الفاضل البارع الشيخ محمد عمرو عبد اللطيف مرض مرضًا شديدًا فإن شاء الله نبتهل له بالدعاء...»اهـ. ثم شرع - رحمه الله - في الدعاء له. وقد سئل الشيخ محمد عمرو رحمه الله عن قول بعض الإخوة إن الشيخ محمد عبد المقصود كان يحضر دروسه في الحديث؛ فقال: رأيته مرّة. الشيخ المحدث أبو إسحاق الحويني: كثيرا ما يذكر الشيخ حجازي بن محمد بن شريف في دروسه أو لقاءاته تقديمه للشيخ محمد عمرو على نفسه في الحديث، ولا عجب، فقد تقارب الشيخان بدار التأصيل لفترة ليست بالقصيرة في البداية. وقد طالعْنا الشيخَ أبا إسحاق حفظه الله بعد موت الشيخ محمد عمرو رحمه الله على القنوات الإسلامية كيف يذكر الشيخ بسعة العلم، وحسن الخلق. الشيخ الفاضل حسن أبو الأشبال الزهيري: وهو من مشايخ مصر ودعاتها المشهورين المشتغلين بالحديث وله تحقيقات وأعمال يكتب عليها : أبوالأشبال الزهيري. قال الشيخ حسن - حفظه الله - في تقديمه لمحاضرة للشيخ محمد بن عبد المقصود بمسجد العزيز بالله: «الشيخ محمد عمرو بن عبداللطيف إمام المحدثين في مصر بلا منازع لا نقدم عليه أحدًا» ، وقد أهدى الشيخ حسن أبو الأشبال للشيخ محمد عمرو - رحمه الله - نسخةً من تحقيقه لكتاب «جامع بيان العلم وفضله» لابن عبد البر، وكتب على أول صفحات الكتاب: «إهداء إلى شيخنا المحدّث العالم الرباني الداعية السلفي خاتمة المحققين الشيخ محمد عمرو بن عبداللطيف شمله الله بلطفه ورعايته وأحسن مثوبته في الدارين، برجاء القبول والنصح. تلميذكم أبو الأشبال الزهيري ذو الحجة 1414هـ». 7- رد بعض ما أثير حول الشيخ ينقسم ما أثير حول الشيخ رحمه الله إلى قسمين، وهما طرفا نقيض! والانصاف أن نرد الشبهات جميعًا، وهذا هو منهج أهل السنة كما سبق وأشرتُ. فأما القسم الأول: على سبيل التنقص والذم. والقسم الثاني: على سبيل الإطراء و المدح الكاذب. فأما التي على سبيل القدح في الشيخ فهي: ظن البعض أن الشيخ قد غير اسم كتاب الآجري (آداب حملة القرأن) فجعله (أخلاق أهل القرآن). وأنا أعني بهذا البعض الشيخ الفاضل عبد العزيز القاري - حفظه الله - في عمله على الكتاب نفسه. والحقيقة أن الشيخ القاري في ذلك معذور، فإن الكتاب قد طبع بهذا الاسم المزور، وعليه اسم الشيخ محمد عمرو والحق أن المتصرف في ذلك الناشر - هداه الله -، وأن الشيخ بريءٌ من ذلك، قال الشيخ محمد عمرو في تكميل النفع ص14:«فمن كتب على طُــرَّة كتاب (آداب حملة القرآن) للإمام الآجري رحمه الله - محوّلاً اسمه إلى (أخلاق أهل القرآن) -: (حققه وخرج أحاديثه الشيخ محمد عمرو عبد اللطيف) - وما حققتُه ولا رأيتُ مخطوطتَه قطّ بل نقلها غيري - أقول: من كتبَ ذلك، فقد غلَط عليّ». اهـ الشيخ محمد عمرو يُسقط كل ما في السلسة الصحيحة: وهذا ينفيه الشيخ عن نفسه وكفى بذلك..ويكفي عند كل ذي عينين أن الشيخ يذكر الشيخ الألباني بالخير ويعرف له قدره، ويسميه كثيرا بـ: الشيخ الكبير. ومن أراد الزيادة فليرجع إلى ما سبق وكتب عند تأثر الشيخ محمد عمرو بالشيخ الألباني، وليس معنى هذا - ولا ينبغي أن يُفهم - أن الشيخ محمد عمرو لا يخالف الشيخَ الألباني في شيء، فمن ظنّ أن مخالفةَ الشيخ الألباني نوع تنقص فالعيب في فهمه، والخطأ من عنده، ولانُحيلُه إلا على الشيخ الألبانيّ نفسه، وهو الذي كان يذم التقليد، ويحث على البحث. الشيخ غير راض عن كل كتبه التي ألفها!!: ومن مارس الحديث، وخبر الفرق بين منهج المتقدمين والمتأخرين، علم زيف هذا الكلام، وقد مرَّ تفصيلُ ما يرضى عنه الشيخ مما لا يرضى عنه منذ قليل، فراجعه إن شئت. بل إن الشيخ - رحمه الله - قام بمراجعة جزء «قلب القرآن يس» فنقّحه وأعاد طبعه قبل موته بسنتين أو ثلاث، وكان الشيخ عازمًا على فعل ذلك في بعض مؤلفاته الأخرى كـ «تبييض الصحيفة» و«تكميل النفع» بعد إثبات زياداته وتصحيحاته على هذه الكتب. وأما ما أشيع عن الشيخ التي على سبيل المدح والإطراء الكاذب فمنها: الشيخ محمد عمرو يستحضر كل رجال التهذيب. وهذا يكذبه الشيخ، ولا يقره، فهو من المبالغة والإطراء الزائد عن الحد الذي لا يرضاه الشيخ، ولا يقر مثله، بل لا يَعلم أحدًا في هذه الأعصار لديه هذه الملكة. لكن لا يمنع هذا من أن نقول إن الشيخ محمد عمرو كان يستحضر كثيرًا جدًّا من أحوال الرواة بحيث يظنّ طلبته به ذلك. قال الشيخ طارق بن عوض الله في حلقة قناة الحكمة بعد وفاة الشيخ: كنا نحدّث أنفسنا في دروس الشيخ أنّه يحفظ كل كتاب «تقريب التهذيب» للحافظ ابن حجر. الشيخ محمد عمرو كان يحفظ من كتاب صحيح الجامع وهو في محاضراته بالكلية. وهذا أيضا يكذبه الشيخ محمد عمرو، والأعجب من ذلك أنه يغلب على ظن الشيخ أنه لم يكن عنده صحيح الجامع، بل لم يكن عنده شيء من كتب الشيخ الألباني في وقت دراسته بالكلية! الشيخ محمد عمرو يحفظ الكتب الستة بأسانيدها رجلاً رجلاً. وهذه كانت تغضب الشيخ جدًّا، فكان يقول: هذا كذب(!)، فهو من المبالغات غير الصحيحة. هذا؛ مع أن الشيخ يستحضر أسانيد أحاديث كثيرة جدًّا، ويعرف مخرجها، يعرف ذلك من جالس الشيخ وسأله، وكما في أشرطته المسجلة. لكن أن يقال إن الشيخ يستظهر كل ما في الكتب الستة، فهو كذب كما قال الشيخ. 8- حياته أجمع كل من رأى الشيخ أو جالسه سواء من أهل العلم أو طلبته أو حتى العوام أن الشيخ آية في الزهد، وكراهية الشهرة، فكان - رحمه الله - مقبلاً على شأن آخرته مهتمًّا بها، شديدًا في النهي عن المنكر، والأمر بالمعروف، لا يكترث لأمر الدنيا، فكان يتنقّل بالدّراجة العاديّة إلى العمل وإلى المسجد، يرفض الظهور على القنوات الفضائية مخافة الشهرة، وقد حكى بعض أهل العلم كثيرًا من المواقف مع الشيخ تدلّ على ذلك. من ذلك قول الشيخ رحمه الله في مقدمة كتابه (تكميل النفع): «وقد كان سلفنا الصالح رضوان الله عليهم يحترزون من أقوال وأفعال، نعدها نحن في هذه الأيام من التوافه والمحقرات. قيل لأحدهم: أدع الله لنا، قال: لا تحضرني لذلك نية. وكان شيخ الإسلام الأوزاعي رحمه الله - على إمامته وجلالته - يكره أن يُرَى معتمًا يوم الجمعة وحده مخافة الشهرة، فكان يرسل إلى تلاميذه: الهقل وابن أبي العشرين، وعقبة بن علقمة، أن اعتموا اليوم فإني أكره أن أعتم. فيا سبحان الله، هلك الذين كانوا يحبون الخمول ويمقتون الشهرة، وكثرت عمائم العجب والخيلاء حتى ظن بعض من أرخى أربع أصابع أنه قد صار بذلك إمام المسلمين - وفيهم - يا أسفى - شباب في مقتبل العمر. وبعد كل ذلك، فلا يظنن ظان أنني أدعى لنفسي الإخلاص أو التجرد أو الرسوخ في العلم أو طهارة القلب من الآفات. حاشا وكلا، على أنني أسألها الله عز وجل على الدوام، عسى أن يرزقنيها يومًا من الأيام، ويهديني فيمن هدى، فلا يطردني عن بابه، ولا يحرمني من جنابه»اهـ. ومثل هذا كثير في كتبه رحمه الله. تزوّج الشيخ رحمه الله منذ صغره، وله أربعة أولاد، ولدان وبنتان. والشيخ رحمه الله كان مريضًا بـ(السكّري) لفترة تجاوزت الخمسة وثلاثين عامًا، وكان رحمه الله يعاني كثيرًا من آثار هذا المرض خاصّة في السنوات الأخيرة، وأشار إلى ذلك في مقدمة آخر كتبه طباعةً. 9- وفاته وفي ليلة الثلاثاء (14 من شهر المحرم عام 1429) الموافق (22 من يناير 2008) قام الشيخ رحمه الله ليجيب على بعض أسئلة طلبة العلم في شريط يسجّله، كما هي عادته، وعند منتصف الشريط تقريبًا، أجهد الشيخ، فقام ليستريح، فتمدد على سريره وخرجت روحه كأيسر وأسهل ما يكون والحمد لله. فمات رحمه الله وآخر كلامه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحقًّا: «من عاش على شيء مات عليه». وإنا نرجو للشيخ رحمه الله أن يبعث مدافعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم. قامت زوج الشيخ أم عبد الرحمن، وزوج ابنته، وابناه عبد الرحمن وأنس، بتغسيله. وأمَّ الناسَ في الصلاة على الشيخ رحمه الله فضيلة الشيخ محمد بن إسماعيل المقدَّم حفظه الله، وحضره كل دعاة وعلماء مصر تقريبًا. ومع حرص الشيخ رحمه الله على الخمول وعدم الشهرة، فقد احتشد الناس من سائر محافظات مصر لحضور جنازته والصلاة عليه، وانطلقت الحشود بالآلاف في مسيرة مهيبة؛ طويلة وشاقّة في الأمطار والبرد الشديدين إلى مقابر السادس من أكتوبر حيث دفن الشيخ رحمه الله وطيّب ثراه. فرحمه الله من إمام هدى «عن الدنيا ما كان أصبره، وبالماضين ما كان أشبهه، وبالصالحين ما كان ألحقه، عرضت له الدنيا فأباها، والبدع فنفاها». [مصدر الترجمة : ملتقى أهل الحديث]

مؤلفاته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015