سنة الوفاة (هجري) : 1396
خير الدين الزركلي ( 1310 - 1396 هـ = 1893 - 1976 م ) خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس، الزركلي (بكسر الزاي والراء) الدمشقي. قال المترجَم عن نفسه (في كتابه الأعلام 8 /267) : ولدت ليلة 9 ذي الحجة 1310 (25 يونيه 1893) في بيروت، وكانت لوالدي تجارة فيها، وهو وأمي دمشقيان. ونشأت بدمشق، فتعلمت في إحدى مدارسها الأهلية. وأخذت عن علمائها، على الطريقة القديمة. وأولعت بكتب الأدب. وقلت الأبيات من الشعر، في صباي، وأديت امتحان « القسم العلمي» في المدرسة الهاشمية.ودرست فيها. وأصدرت مجلة « الأصمعي» أسبوعية، فصادرتها الحكومة العثمانية، لصورة كتبت أنها صورة «الخليفة العربي» المأمون. وذهبت إلى بيروت، فانقطعت إلى الكلية العلمانية (لاييك) تلميذا في دراساتها الفرنسية، ثم أستاذا للتاريخ والأدب العربي فيها. ورجعت، في أوائل الحرب العامة الأولى، إلى دمشق. وأصدرت بها، بعد الحرب (1918) جريدة « لسان العرب » يومية، مع أحد الاصدقاء. وأقفلت، فشاركت في إصدار « المفيد » يومية أيضا. وهيأت للطبع مجموعة من شعري سميتها « عبث الشباب » فالتهمتها النار، وأكلت أصولها، واسترحت منها وأرحت ! وعلى أثر وقعة « ميسلون » في صباح اليوم الذي كان الفرنسيون يدخلون به دمشق (1920) غادرتها إلى فلسطين، فمصر، فالحجاز. وصدر حكم الفرنسيين (غيابيا) بإعدامي، وحجز أملاكي. وفي سنة 1921 تجنست بالجنسية العربية في الحجاز. وانتدبني الملك حسين بن علي، لمساعدة ابنه « الأمير عبد الله » وهو في طريقه إلى شرقي الأردن، وكان الظن به حسنا، فعدت إلى مصر، فالقدس. واصطحبت منها إلى الصلت فعمان، جماعة، مهدت معهم السبيل لدخول عبد الله وإنشاء الحكومة الأولى في عمان. وسميت في تلك الحكومة مفتشا عاما للمعارف، فرئيسا لديوان رياسة الحكومة (1921 - 1923). وفي خلال ذلك أبلغت حكومة « الجمهورية الفرنسية » بيتي في دمشق، أنها قررت وقف تنفيذ حكمها علي، فكانت فرصة لي لزيارة دمشق، والعودة منها بعائلتي إلى العاصمة الأردنية. وانكشفت سياسة « الأمير » عبد الله، فكنت أول من نبه إلى اتقائها،. وعصيت من كتب لي بأنه: «من هذه الأمة.» و « يدك منك وإن كانت شلاء ! » وقصدت مصر، فأنشأت « المطبعة العربية » في القاهرة (أواخر 1923) وطبعت فيها بعض كتبي، ونشرت كتبا أخرى. وثارت سورية على الاحتلال الفرنسي (1925) فأذاع الفرنسيون حكما ثانيا (غيابيا أيضا) بإعدامي ! وساءت صحتي في عملي بالمطبعة، فبعتها (سنة 1927). واستجممت ثلاث سنوات، زرت في خلالها الحجاز، مدعوا، بعد أن تسلم آل سعود مقاليد الحكم فيه، وأصبح رعاياه - وأنا أحدهم - متمتعين برعايتهم. وذهبت إلى القدس (1930) فأصدرت، مع زميلين، جريدة « الحياة » يومية. وعطلتها الحكومة الانجليزية. فاتفقت مع آخرين على إصدار جريدة يومية أخرى في « يافا » وأعددنا لها مطبعة، وأصدرنا العدد الأول منها. وكنت قد فوتحت في أن ألي عملا في الحكومة السعودية الفتية، وأجبت بالشكر. وأبلغني صاحب السمو الملكي الامير فيصل آل سعود، تعييني (1934) مستشارا للوكالة (ثم المفوضية) العربية السعودية بمصر، فتركت الجريدة لمن والى إصدارها، وتحولت إلى القاهرة. وكنت أحد المندوبين السعوديين، فيما سبق إنشاء « جامعة الدول العربية » من مداولات، ثم في التوقيع على ميثاقها. ومثلت حكومة صاحب الجلالة السعودية، في عدة مؤتمرات دولية. وشاركت في مؤتمرات أدبية واجتماعية. وانتدبت (1946) لإدارة وزارة الخارجية، بجدة. وصدر مرسوم ملكي بأن أتناوب مع صديقي، بل أخي، الشيخ يوسف ياسين، وزير الخارجية بالنيابة، العمل في الوزارة وفي جامعة الدول العربية، معا. وسميت (1951) وزيرا مفوضا ومندوبا دائما لدى الجامعة، فشعرت بالاستقرار بمصر. وباشرت، مع أعمالي الرسمية، طبع هذا الكتاب. وعينت (1957) سفيرا ومندوبا ممتازا - حسب التعبير الرسمي - في المغرب، حيث آلت إلي عمادة السلك السياسي في المغرب، فقمت بها مدة ثلاث سنوات. ومرضت سنة 1963 ودعيت إلى الرياض، فمنحت إجازة للراحة والتداوي، غير محدودة. واخترت الإقامة في بيروت، فعكفت على إنجاز كتاب كنت قد بدأت بوضعه، في سيرة عاهل الجزيرة الأول « الملك عبد العزيز آل سعود » وهيأته للطبع سنة 1970. وكان المجمع العلمي العربي بدمشق، قد تفضل (عام 1930) فضمني إلى أعضائه. وكذلك مجمع اللغة العربية بمصر (1946) والمجمع العلمي العراقي في بغداد (سنة 1960) وقمت برحلات إلى الخارج أفادتني: الأولى، إلى إنجلترا (1946) ومنها إلى فرنسة، ممثلا لحكومتي في اجتماعات المؤتمر الطبي الدولي، بباريس. والثانية، إلى الولايات المتحدة الأميركية (1947) بمهمة رسمية، غير سياسية، أمضيت فيها سبعة أشهر بين كليفورنية وواشنطن ونيويورك وغيرها. وحضرت في خلالها بعض اجتماعات هيئة الامم المتحدة. والثالثة، إلى أثينا العاصمة اليونانية (1954) بصفة « وزير مفوض ومندوب فوق العادة » وجعلت طريق عودتي منها، إلى استانبول، لزيارة بعض مكتباتها، وإلى حلب، فبيروت فالقاهرة. والرابعة، إلى تونس (1955) مندوبا لحضور مؤتمر أقامه الحزب الدستوري فيها. وعدت منها مارا بإيطاليا، حيث تيسر لي في خلالها شهرين الطواف في أهم مكتباتها. وما زلت (سنة 1970) في بيروت، أقوم منها بين حين وآخر برحلات إلى العربية السعودية، موطني الثاني، ودمشق والقاهرة وتركيا وإيطاليا وسويسرة. وفي عاصمة هذه طبيب أتردد إليه في ربيع كل عام. أما ما نشر من كتبي، فهو: 1) - ما رأيت وما سمعت. وهو رحلتي الاولى من دمشق إلى فلسطين، فمصر، فالحجاز. طبع سنة 1923. 2) - عامان في عمان. من مذكراتي عن عامين في مدينة عمان، عاصمة الأردن طبع الجزء الأول منه سنة 1925. 3) - الجزء الأول من « ديواني » الشعري. وفيه بعض ما نظمت إلى سنة صدوره (1925). 4) - الأعلام. الطبعة الأولى. في ثلاثة أجزاء (سنة 1927). 5) - الأعلام. الطبعة الثانية، في عشرة مجلدات. 6) - ماجدولين والشاعر. قصة شعرية صغيرة. 7) - شبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز. وبين يدي، مما يصلح لان يهيأ للنشر: 1) - الملك عبد العزيز في ذمة التاريخ. 2) - الجزء الثاني من « ديواني ». 3) - صفحة مجهولة من تاريخ سورية في العهد الفيصلي. 4) - الجزء الثاني من « عامان في عمان ». 5) - قصة تمثيلية نثرية، سميتها « وفاء العرب » مثلت أكثر من مرة، ابتداء من سنة 1914 ببيروت. 6) - مجموعة كبيرة، في الأدب والتاريخ، قديما وحديثا، لم أنسقها ولم أسمها إلى الآن. 7) - المستدرك الثاني (المشرف: ضمنت كل مادة منه في موضعها من هذه الطبعة الرابعة من « الاعلام »). 8) - الاعلام بمن ليس في الاعلام (المشرف: ضمنت، كذلك، كل مادة منه في موضعها من هذه الطبعة الرابعة من « الاعلام »). .ا.هـ كلام الزركلي * * * قال المشرف : وفي الثالث من ذي الحجة 1396 = 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 1976 طوى الموت أبا الغيث، خير الدين الزركلي في مدينة القاهرة. وقد أقام له النادي العربي بدمشق في كانون الثاني (يناير) 1977 حفلة تأبين تكلم فيها بعض تلاميذه وأصدقائه. لقد طوى الموت العلم الذي خلد الأعلام وهيهات أن تجود بمثله الأيام. نقلا عن : الأعلام للزركلي