في بناء الإنسان والحياة على أسس دينية.

لهذا قسمت وظيفة الصورة الفنية إلى قسمين هما، الوظائف القريبة، والوظائف البعيدة وأقصد بالوظائف القريبة، تصوير المعاني الذهنية والنفسية، والأمثال، والطبيعة، والحوادث الواقعة والقصص الماضية، والنماذج الإنسانية، ومشاهد القيامة.

والوظائف البعيدة القرآنية هي: الوظيفة الفنية، والدينية، والنفسية، والعقلية.

فوظيفة الصورة القرآنية، لا تهدف إلى تصوير المحسوسات من أجل التصوير فقط، بل إنها تريد تحقيق غرض ديني من وراء التصوير الحسي. فالوظائف البعيدة للصورة، تتراءى لنا من وراء الوظائف القريبة وإن كانت هذه الوظائف كلها ممتزجة، ومتداخلة، بحيث يصعب وضع الحدود والفواصل بينها. ولكن الدراسة التحليلية تقتضي مني هذا الفصل بين الوظائف القريبة، والبعيدة، لتحقيق الغرض من الدراسة، في معرفة وظيفة الصورة القرآنية، وطريقتها في تحقيق الغرض الديني من التصوير.

وقديما لاحظ عبد القاهر الجرجاني بأن الصورة الفنية تنقلنا من «المعنى» إلى «معنى المعنى» يقول الجرجاني: «فها هنا عبارة مختصرة وهي أن تقول المعنى ومعنى المعنى، تعني بالمعنى المفهوم من ظاهر اللفظ والذي تصل إليه بغير واسطة، وبمعنى المعنى أن تعقل من اللفظ معنى ثم يفضي بك ذلك المعنى إلى معنى آخر» (?).

وعباس محمود العقاد، يرى أيضا أن المجاز في اللغة العربية يتم به الانتقال منه إلى المعاني المجردة يقول: «ولا تسمى اللغة العربية- فيما نرى- بلغة المجاز لكثرة التعبيرات المجازية فيها، وإنما تسمى اللغة العربية بلغة المجاز، لأنها تجاوزت بتعبيرات المجاز حدود الصور المحسوسة، إلى حدود المعاني المجردة، فيستمع العربي إلى التشبيه، فلا يشغل ذهنه بأشكاله المحسوسة إلا ريثما ينتقل منه إلى المقصود من معناه، فالقمر عنده بهاء، والزهرة نضارة، والغصن اعتدال ورشاقة، والطود وقار وسكينة ... » (?).

وإذا كانت الصورة القرآنية، تتناول المعاني الذهنية والحالات النفسية، ومشاهد الطبيعة والأمثال وغير ذلك من الوظائف القربية لها، فإنها لا تهدف إلى تصويرها لمجرد التصوير،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015