عليه الرجوع عن هذا الاعتقاد، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، انتهى بحروفه.

"قلت": ومما يجدر ذكره في هذا المقام أيضاً ما كان من أمر سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حينما كان يقرىء رجلاً قوله الله تعالى: {إِنَّمَا الصدقات لِلْفُقَرَآءِ والمساكين} [التوبة: 60] الآية فلم يمد الرجل لفظ الفقراء فأوقفه ابن مسعود عن القراءة وقال له ما معناه: ما هكذا أقرأنيها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له الرجل: كيف أقرأكها يا أبا عبد الرحمن فقال: أقرأنيها {إِنَّمَا الصدقات لِلْفُقَرَآءِ والمساكين} [التوبة: 60] فمدها. فإذا تأملنا هذا الحديث وألقينا عليه نظرة فاحصة عابرة نجد أن ابن مسعود وهو الصحابي الجليل لم يسمح للرجل في عدم مد لفظ الفقراء وهذا شيء لا يغير المعنى وأوقفه عن القرءاة ثم عاد وقرأ لفظ الفقراء ممدوداً. وما ذاك إلا لأن ابن مسعود رضي الله عنه قرأ هذا اللفظ ممدوداً على سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما علم من الحديث. فما بالك بالقراءة التي فيها ترك الإظهار والإدغام والإخفاء ... إلى آخر ما تقدم فهذا شيء لا يصح فعله بحال.

هذا. وما ذكرنا من أدلة على تحريم اللحن الخفي بنوعيه هو الصواب وإن لم يكن من أدلته إلا ما جاء عن سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لكفى. ولا التفات إلى ما ذكره العلامة مُلاَّ علي القاري في شرحه على المقدمة الجزرية ومن حذا حذوه وبالله التوفيق، اللهم سامحنا وتجاوز عن تقصيرنا وألهمنا رشدنا وارزقنا تلاوة كتابك على النحو الصحيح الذي يرضيك وترضى به عنا ياذا الجلال والإكرام. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد النبي العربي الأمي وعلى آله وصحبه والتابعين وعلى سائر النبيين والمرسلين وآلهم والحمد لله رب العالمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015