الباب الرابع فى تفاصيل الظواهر التى حدثت بعد هجرته عليه الصلاة والسلام إلى وفاته صلّى الله عليه وسلّم، وفيه فصول

الفصل الأوّل فى ظواهر السنة الأولى من الهجرة وما فيها من الغزوات

قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة لاثنتى عشرة ليلة خلت من ربيع الأولي، ظهر يوم الاثنين، فنزل قباء، وأقام بها الاثنين، والثلاثاء، والأربعاء، والخميس، وأسّس مسجد قباء الذي نزل فيه: لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى [التوبة: 108] . وخرج من قباء يوم الجمعة، فما مر علي دار من دور الأنصار إلا قالوا: «هلمّ يا رسول الله إلى العدد والعدّة» ، ويعترضون ناقته، فيقول: «خلّوا سبيلها فإنها مأمورة» ثم سارت حتي انتهت إلي موضع مسجده؛ فبني مسجده الشريف ومساكنه كما سبقت الإشارة إلي ذلك انفا، فلم يزد فيه أبو بكر في أيام خلافته شيئا، وزاد فيه عمر، وبناه علي بنائه في عهده عليه الصلاة والسلام. ثم غيّره عثمان بن عفان في خلافته، فزاد فيه زيادة كثيرة، وبنى جدرانه بالحجارة المنقوشة، وجعل عمده من حجارة منقوشة أيضا، وسقفه بالسّاج (?) . ثم لما صارت الخلافة إلي الوليد بن عبد الملك الذي عمّر جامع دمشق: استعمل علي المدينة عمر بن عبد العزيز، وكتب إليه في سنة سبع وثمانين من الهجرة يأمره بعمارة مسجده صلّى الله عليه وسلّم، وبإدخال بيوت أزواجه فيه، حتي تصير مساحة المسجد مائتى ذراع (?) في مائتي ذراع، فأجابه أهل المدينة إلى ذلك، ففعل عمر بن عبد العزيز كذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015