كل مقدماته ظنيا؛ لأن الاحتمال في الأول أقل مما في الثاني، ومتى كان الاحتمال أقل كان الظن أقوى، إذا عرفت هذا الأصل، فلنرجع إلى التفصيل، وفيه مباحث:

أحدهما: أن التعليل بالوصف الحقيقي أولى من التعليل بسائر الأقسام؛ لأن جواز التعليل بالوصف الحقيقي مجمع عليه؛ بين القائسين، والتعليل بسائر الأقسام مختلف فيه؛ فيكون القياس الذي يكون الحكم في أصله معللاً بالوصف الحقيقي - أقوى مما لا يكون كذلك.

وثانيها: التعليل بالحكمة أولى من التعليل بالعدم، وبالوصف الإضافي، وبالحكم الشرعي، وبالوصف التقديري: أما أنه أولى من العدم: فلأن العلم بالعدم لا يدعو إلى شرع الحكم إلا إذا حصل العلم باشتمال ذلك العدم على نوع مصلحةٍ، فيكون الداعي إلى شرع الحكم في الحقيقة هو المصلحة؛ لا العدم وإذا كانت العلة هي المصلحة، لا العدم - كان التعليل بالمصلحة أولى من التعليل بالعدم.

فإن قلت: (فهذا يقتضى أن يكون التعليل بالمصلحة أولى من التعليل بالوصف".

قلت: كان الواجب ذلك، إلا أن الوصف أدخل في الضبط من الحاجة، فلهذا المعنى ترجح الوصف على المصلحة، والعدم المطلق لا يتقيد إلا إذا أضيف إلى الوجود، فهو في نفسه غير مضبوط، فالعدم ليس بمؤثرٍ في الحقيقة، وليس بضابط في نفسه؛ فظهر الفرق.

وإذا ثبت أن التعليل بالحكمة أولى من التعليل بالعدم، وقد ثبت أن الإضافات ليست أمورًا وجودية - لزم أن يكون التعليل بالحكمة أولى من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015