فإن قلت: (ذلك الحكم كما دار مع حدوث ذلك الوصف وجودا وعدما، فكذلك دار مع تعين ذلك الوصف، ومع حدوث حصول ذلك الوصف في ذلك المحل؛ فيجب أن يكون تعينه وحدوثه في ذلك المحل معتبرا في العلية، وذلك يمنع من التعدية).

قلت: تعين الشيء: معناه: أنه ليس غيره، وهذا أمر عدمي؛ إذ لو كان وجوديا لكان ذلك الوجود مساويا لسائر التعينات القائمة بسائر الذوات في كونه تعينا، ويمتاز عنها بخصوصيته، فيلزم أن يكون للتعين تعين آخر إلى غير نهاية؛ وهو محال.

وأما حصول الوصف في ذلك المحل: فيستحيل أن يكون أمرا وجوديا؛ وإلا لكان ذلك وصفا لذلك الوصف، فكونه وصفا للوصف زائد عليه؛ فيلزم التسلسل، وإذا ثبت أن التعين أمر عدمي، والحصول في المحل المعين أمر عدمي، استحال كونه علة، ولا جزء علة.

أما أنه لا يكون علة: فلأن قولنا في الشيء المعين: (إنه علة) نقيض لقولنا: (إنه ليس بعلة) وقولنا: (إنه ليس بعلة) يصح وصف المعدوم به في الجملة، ووصف المعدوم لا يكون موجودا، فقولنا: (ليس بعلة) أمر عدمي، وقولنا: (علة) مناقض له، ومناقض العدم ثبوت، فمفهوم قولنا: (علة) أمر ثبوتي، فلو وصفنا العدم به لزم قيام الصفة الموجودة بالموصوف الذي هو نفي محض؛ وذلك محال.

وأما أنه لا يجوز أن يكون جزء علة: فلأنا لو فرضنا حصول سائر الأجزاء بدون هذا الجزء الواحد: فإما أن تحصل العلية، أو لا تحصل: فإن حصلت العلية، كان سائر الأجزاء بدون هذا الجزء تمام العلة؛ فلا يكون هذا الجزء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015