علم القاضي:

وقد اختلف الفقهاء أيضاً في قضاء القاضي في حادثة بناء على علمه بحقيقتها فإن كان الحق المدعى به من حقوق الله الخالصة -كالحدود- فهذه اتفقوا على أنه لا يقضي فيها بعلمه، اللهم إلا ما روي عن ابن حزم الظاهري بجواز ذلك. أما إن كان من حقوق العباد -كالبيع والشراء- ففيها اختلاف بين الفقهاء.

قال متقدمو الحنفية: "إنه لا يجوز للقاضي أن يقضي بناء على علمه الشخصي فيها"، وعن محمد بن الحسن "لا يقضي بشيء أصلا". وهو ما أفتى به المتأخرون منهم.

جاء في البحر الرائق: "علم القاضي بشيء ينفذ القضاء في غير الحدود، وأما القصاص، فله القضاء بعلمه كما في الخلاصة، وتركه المصنف للاختلاف وظاهر ما في جامع الفصوليين أن الفتوى على أن القاضي لا يقضي بعلمه لفساد قضاة الزمان"1.

وقول ابن حزم والمتقدمين من الحنفية هو أيضا رواية عن أحمد وقول للشافعي.

أما المشهور عند المالكية والرواية الأخرى لأحمد والشافعي لا يجوز للقاضي الحكم بعلمه الشخصي في الدعوى.

ويستند هذا القول الأخير- الذي يمنع القاضي من الحكم بناء على علمه - على أمرين:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015